للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد قال الحافظ الذهبي في ترجمته من سير أعلام النبلاء ٢٢/ ٢٥٧: "وكان شديد الأدمة (أي السمرة) يلثغ بالقاف همزة"، فهل هذه الظاهرة خاصة بذلك الرجل، لقول الذهبي "يلثغ"، أم أنها كانت معروفة عند المصريين؛ ويلاحظ أن الرجل من "مليج"، وهي من قرى المنوفية الآن.

وسمعت أستاذاً جامعياً آخر -في حديث إذاعي- يترضى على الصحابة فيقول: "وهم أهل التقوى وأهل المغفرة"، وهذا انتزاع خاطئ من القرآن الكريم، فإن عبارة "أهل التقوى وأهل المغفرة" إنما هي في حق المولى عز وجل، وذلك قوله تعالى في آخر سورة المدثر: {وما يذكرون إلا أن يشاء الله هو أهل التقوى وأهل المغفرة}، قال الزجاج: "أى هو أهل أن يتقى عقابه، وأهل أن يعمل بما يؤدي إلى مغفرته" معاني القرآن وإعرابه ٥/ ٢٥٠، وأخرج الترمذي من حديث أنس بن مالك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في هذه الآية: "قال الله عز وجل: أنا أهل أن أتقى، فمن اتقاني فلم يجعل معي إلهاً فأنا أهل أن أغفر له"، عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي ١٢/ ٢٢٩ (أبواب التفسير)، هكذا يكون الكلام، فاتقوا الله يا أساتذة في قرآنكم ودينكم! .

وهذا أوان الشروع في المقصود، والله المستعان:

يقول الله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} [البقرة: ١٩٥]، يستشهد الناس بهذه الآية الكريمة عندما يرون أحدهم يقدم على خطر، كأن يعترض سيارة مسرعة، أو يسير بجانب جدار يريد أن ينقض، أو يمر يده على نار مشتعلة، أو يصارع من هو أقوى منه، ونحو ذلك من ألوان المشتقات التي لا طاقة له بها، فيقولون له: حسبك {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}، والاستشهاد بالآية لهذه الحالة إرث قديم، وقد تناقلته الألسنة حتى وصل إلينا، والصحيح أن الآية الكريمة نزلت في النفقة في سبيل الله والحض عليها، بتصوير الإمساك والبخل بأنهما هلاك يلقي فيهما الممسك والبخيل نفسه، وصدر الآية وختامها يدلان على ذلك، قال تعالى: {وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين}.

<<  <  ج: ص:  >  >>