بطريق المجاز -مراتب وضع الألفاظ- مشروع تيسير الكتابة العربية- مصطلحات الشئون العامة.
ومن مجموع هذه البحوث والمقترحات أحب أن أقف عند أمرين اثنين، يظهر فيهما تضلع الجارم من اللغة، وصبره على تحصيلها، واحترامه لها:
الأمر الأول: ذلك البحث الذي وسمه (بالمصادر التي لا أفعال لها)، وقد أقام الجارم هذا البحث على ما ذكره ابن سيده في الصفحة (٢٢٣) من الجزء الرابع عشر من المخصص (باب أسماء المصادر التي لا يشتق منها أفعال)، وقد انتهى ابن سيده إلى أن هناك أربعة وخمسين مصدراً لا أفعال لها.
يقول الجارم:"وقد تناولت هذا البحث بإفاضة واستيعاب وتنقيب في المعحمات، فظهر أن لجميعها أفعالاً، عدا سبعة منها". ثم أخذ رحمه الله في ذكر كلام -ابن سيده، ثم تعقبه بما في المعاجم: الصحاح، واللسان، والقاموس، والتاج، والمصباح المنير.
والأمر الثانى: ما ذكره عن "غريب اللغة"، قال:"وإذا كانت لدينا ذخيرة مغمورة في اللغة فلم لا نستعملها ونحييها، وننقلها من بداوتها إلى نور الحضارة؟ والاستعمال كفيل بصقلها واستساغتها".
ويعود مرة أخرى إلى "غريب اللغة" فيقول، وهو يتحدث عن المعجم الكبير:" فإن هذا المعجم سيشتمل على كل شيء، من حيث الكلام الصحيح وقديمه، مشهوره وغريبه، ذائعه ونادره".
وقضية "غريب اللغة" من القضايا الشائكة العسرة في زماننا هذا، فكثير من الناس ينادون الآن بهجر الغريب من الكلام، واستعمال السهل القريب، وما أزنهم ينادون بذلك إلا لسببين: السبب الأول: عدم معرفتهم بكثير من هذا الكلام الغريب، والإنسان يستوحش مما لا يعرفه وينكره، على ما قال ربنا عز وجل:{بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه}[يونس: ٣٩].