وهذا الأثر يَرويه عبد الملك بن عُمَير، واختُلف عليه: فقيل: عنه، عن جابر بن سَمُرة، عن عمرَ! وقيل: عنه، عن عبد الله بن مَعقِل، عن عمرَ! أما الوجه الأول: فقد أورده المؤلِّف من طريق شَيبان، عنه، عن جابر بن سَمُرة، عن عمرَ. وتابَعَه كلٌّ من: جرير بن عبد الحميد، وأبو بكر بن عياش، وحبَّان بن علي، وأبو عَوانة. انظر روايتهم عند سعيد بن منصور في «سننه» (٣/ ٩٣٩ رقم ٤١٩ - ط الصميعي) والمستَغفِري في «فضائل القرآن» (١/ ٣٥٩ رقم ٤٢٣) ولُوَين في «جزئه» (ص ٩٧ رقم ٨٩). وأما الوجه الثاني: فأخرجه أبو عبيد في «فضائل القرآن» (ص ٢٠٤) وابن أبي داود في «المصاحف» (١/ ١٧٣ رقم ٣٥) وعمر بن شبَّة في «تاريخ المدينة» (٢/ ٧٠٦) و (٣/ ١٠١٤) من طريق جرير بن حازم، عنه، عن عبد الله بن مَعقِل، عن عمرَ! قال أبو عبيد عقب روايته: وكان أبو عَوَانة يحدِّث بهذا الحديث عن عبد الملك بن عُمَير، عن جابر بن سَمُرة، عن عمرَ!
قلت: فتبين بهذا أن هناك اضطرابًا في إسناده، ويشبه أن يكون هذا الاضطراب من عبد الملك بن عُمَير، فقد قال عنه أحمد: عبد الملك بن عُمَير مضطَّرب الحديث جدًّا مع قلَّة روايته، ما أرى له خمس مائة حديث، وقد غلط في كثير منها. وقال -أيضًا-: سمَاك بن حرب أصلح حديثًا من عبد الملك بن عُمَير، وذلك أن عبد الملك بن عُمَير يَختلف عليه الحفَّاظ. وقال ابن معين: مخلِّط. وقال أبو حاتم: لم يوصف بالحفظ. وقال مرَّة: ليس بحافظ، وهو صالح الحديث، تغيَّر حفظه قبل موته. انظر: «الجرح والتعديل» (٥/ ٣٦٠ رقم ١٧٠٠) و «تهذيب الكمال» (١٨/ ٣٧٠). وقد سَرَد الحافظ في «الفتح» (٩/ ١٩) أسماء من كتب المصاحف، ثم قال: وليس في الذين سميناهم أحدٌ من ثقيف، بل كلهم إما قرشي أو أنصاري.