للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو يعلى: وأظنُّه قال: فمن طابت نفسُهُ، فليفعل.

هذا حديث جيِّد الإسناد، حسنه (١)،

ولم يخرِّجوه.


(١) في هذا نظر؛ والصواب أنه معلّ، وممن أعلَّه الشيخ الألباني في مقال نُشِر له قديمًا في «مجلة التمدُّن الإسلامي»، وقد ورد بنصِّه ضمن «مقالات الألباني» (ص ١٤١)، ونظرًا لنفاسته فقد أوردته بتمامه، قال رحمه الله: وفي هذا السَّند علل:

١ - ضَعف مُجالِد بن سعيد، ولا أريد أن أطيل على القُرَّاء بذكر أقوال العلماء في تضعيفه، وإنما أقتصر على ذكر قول حافظين من الحفَّاظ المتأخرين المحيطين بأقوال المتقدِّمين، وهما الحافظ الذهبي والحافظ العسقلاني، فقال الأوَّل في «الميزان»: فيه لين. وقال الحافظ العسقلاني في «التقريب»: ليس بالقوي، وقد تغيَّر في آخر عمره.
٢ - الاختلاف في سنده، فقد رواه ابن إسحاق، عن مُجالِد، عن الشَّعبي، عن مسروق، كما تقدَّم. وخالَفَه هشيم، فقال: حدثنا مُجالِد، عن الشَّعبي قال: خَطَب عمرُ بن الخطاب ... أخرجه البيهقي (٧/ ٢٣٣) وقال: هذا منقطع.
قلت: وذلك لأنَّ الشَّعبي -واسمه: عامر بن شراحيل- لم يَسْمع من عمرَ، وإدخال ابن إسحاق بينهما مسروقًا؛ ممَّا لا يطمئن القلب له، لتفرُّد ابن إسحاق به، وقد عَلِمَ كلُّ مشتغل بهذا الفنِّ أنَّ في تفرُّده نكارة، قال الذهبي في خاتمة ترجمته: حسن الحديث، صالح الحال، صدوق، وما انفرد به ففيه نكارة، فإنَّ في حفظه شيئًا.
قلت: وقد خالَفَه هشيم، وهو ثقة ثبت، كما في «التقريب»، وهو قد أرسَلَه، فروايته هي المعتمدة.
وممَّا سبق يتبيَّن أنَّ في إسناد هذه القصَّة علَّتين: ضَعْف مُجالِد، والانقطاع.
وإذا كان الأمر كذلك، فقول الحافظ ابن كثير: إسناده جيد قوي. غير قويٍّ، بل هو سهو منه -رحمه الله-، لا يجوز لمن تبيَّن له أن يقلِّده، لا سيَّما مع إعلال الحافظ البيهقيِّ إيَّاه بالانقطاع، وإذا تبيَّن هذا التحقيق للقارئ الكريم، وتذكَّر أنَّ خُطبة عمرَ هذه وردت عنه من خمسة طرق، ليس فيها قصَّة المرأة، عرف حينئذ أنها ضعيفة منكرة لا تصح.
وممَّا يؤيِّد ذلك: ما أخرجه البيهقي من طريق بكر بن عبد الله المُزَني قال: قال عمرُ بن الخطاب: لقد خرجتُ وأنا أَريد أن أنهى عن كثرة مُهُور النساء حتى قرأتُ هذه الآية: {وآتيتم إحداهن قنطارا}.
وقال البيهقي: هذا مرسل جيد. =

<<  <  ج: ص:  >  >>