للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن زوجات أمير المؤمنين عمر: جميلةُ بنت ثابت بن أبي الأقلح الأنصاري، أخت عاصم، أمير سَريَّة الرَّجيع، وهي: أُمُّ عاصم بن عمر، فلعلَّها هذه (١)، والله أعلم.

ثم رأيت حماد بن سَلَمة قد روى عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمرَ قال: كان اسم أُمِّ عاصم: عاصيَة، فسمَّاها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم جميلةً (٢).

وهذا صحيح.

وهذا يقتضي أنَّ عمرَ كان لا يرى القُبْلةَ ناقضةً للوُضوءِ.

لكن قد روى الدارقطني (٣) عنه ما يقتضي خلاف هذا، فقال:

(١٣) ثنا القاضي الحسين بن إسماعيل، ثنا عبد الله بن شَبيب، حدَّثني يحيى بن إبراهيم بن أبي قُتيلة، حدَّثني عبد العزيز بن محمد، عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمرَ: أنَّ عمرَ بن الخطاب قال: إنَّ القُبْلةَ من اللَّمسِ، فتوضَّأؤا منها.

وهذا بهذا الإسناد لا يثبت؛ لأنَّ عبد الله بن شَبيب هذا: ضعَّفه الحافظ أبو أحمد الحاكم، وابن حبان، وابن عدي، وغيرهم (٤)، حتى قال فَضْلَك الرازي: يَحِلُّ ضَرْبُ عُنُقِهِ (٥)!


(١) انظر: «معرفة الصحابة» لأبي نعيم الأصبهاني (٦/ ٣٢٨٥) و «الإصابة» (١٢/ ١٧٦).
(٢) ومن هذا الوجه: أخرجه مسلم (٣/ ١٦٨٧ رقم ٢١٣٩) (١٥) في الآداب، باب استحباب تغيير الاسم القبيح إلى حسن.
(٣) في «سننه» (١/ ١٤٤).
(٤) انظر: «المجروحين» (٢/ ٤٧) و «الكامل» (٤/ ٦٢) و «الميزان» (٢/ ٤٣٨).
(٥) وهذه مبالغة، كما قال الذهبي، ومع ذلك، فلم يتفرَّد به عبد الله بن شَبيب، فقد تابَعَه إبراهيم بن حمزة. وروايته عند الحاكم (١/ ١٣٥) وعنه: البيهقي في «سننه» (١/ ١٢٤) وفي «الخلافيات» (٢/ ١٥٦ رقم ٤٢٧) وفي «المعرفة» (١/ ٣٧٣ رقم ٩٥٨).
وتابَعَه -أيضًا- أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري، وروايته عند البيهقي في «المعرفة» (١/ ٣٧٣ رقم ٩٥٨).
فتبين بهذا: أن علَّته تفرُّد محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان به عن الزهري دون بقيَّة أصحاب الزهري المتقنين، الذين رووه عن الزهري، فجعلوه من رواية ابن عمر، كما سيأتي في كلام المؤلِّف.
وممن نبَّه على هذه العلِّة ابنُ عبد البر، فقال في «الاستذكار» (١/ ٢٩٧): وهذا عندهم خطأ؛ لأن أصحاب ابن شهاب يجعلونه عن ابن عمرَ، لا عن عمرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>