للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الرَّجل حتى يخالف فعلُه قولَه.

وقال إسماعيل بن عيَّاش: عن عمرو بن مهاجر: إنَّ عمرَ بن عبد العزيز لمَّا استُخلِفَ قام في الناس، فحَمِدَ اللهَ، وأَثنى عليه، ثم قال: يا أيُّها الناسُ، إنَّه لا كتابَ بعد القرآن، ولا نبيَّ بعد محمد صلى الله عليه وسلم، ألا وإنِّي لست بقاضٍ، ولكنيِّ مُنفِّذٌ، أَلا وإنِّي لستُ بمبتدعٍ، ولكنِّي مُتَّبعٌ، إنَّ الرَّجلَ الهاربَ من الإمام الظالم ليس بظالم، أَلاَ وإنَّ الإمامَ الظالمَ هو العاصي، ألا لا طاعةَ لمخلوق في معصية الخالق.

وقال فضيل بن عياض: عن السَّري بن يحيى: إنَّ عمرَ بن عبد العزيز حَمِدَ اللهَ تعالى، ثم خنقته العبرة، ثم قال: أيُّها الناس، أصلحوا آخرتَكم تصلح لكم دنياكم، وأصلحوا سرائرَكم تصلح لكم علانيتُكم، والله إنَّ عبدًا ليس بينه وبين آدم أبٌ إلا قد مات، إنَّه لَمُعرَّقٌ له في الموت.

(١٠١٣) وقال محمد بن سعد (١): عن سعيد بن عامر، عن جُوَيرية بن أسماء: قال عمرُ بن عبد العزيز: إنَّ نفسي هذه نفسٌ توَّاقةٌ، / (ق ٤٢٩) وإنَّها لَم تُعطَ من الدُّنيا شيئًا إلاَّ تاقت إلى ما هو أفضل منه، فلمَّا أُعطيت الذي لا أفضل منه في الدُّنيا، تاقت إلى ما هو أفضل من ذلك. قال سعيد: الجنَّة أفضل من الخلافة.

وذِكر محاسنه وفضائله ومآثره على الاستقصاء يطول شرحه، وقد استوعب ذلك محرَّرًا الشيخ الإمام أبو الفرج ابن الجوزي -رحمه الله- في «سيرة العُمَرَين».

وفيما ذَكَرنا إشارة إلى ذلك، إن شاء الله تعالى، وبه الثِّقة.


(١) في «الطبقات الكبرى» (٥/ ٤٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>