للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وههنا أمر ينبغي التنبيه عليه:

لقد استوعب الحافظ ابن كثير غالب النصوص الواردة عن عمر -رضي الله عنه- في كتاب «غريب الحديث» لأبي عبيد، وثمَّت فرق واضح في نقل الحافظ ابن كثير، حيث أنه لم يلتزم بحرفية النقل لهذه النصوص، فماذا صنع المحقِّق الدكتور تجاه هذه النصوص؟ لقد قام بنقلها من النسخة المطبوعة من «غريب الحديث»، وترك المخطوط جانبًا لا شأن له به!! وهذا عبث بالتراث لا يُحتمل.

واعلم أن عدد النصوص التي نقلها الحافظ ابن كثير من «غريب الحديث» (٦٢) نصًّا، فلك أن تتخيل حجم الكارثة التي وقع فيها الدكتور بصنيعه هذا.

وهذه بعض النماذج:

ص/ ١٤١: قال أبو عبيد: وحدثنا حجَّاج، عن شعبة، عن قتادة، عن أبي رافع، عن عمر: أنه كان يَنشُّ الناسَ بعد العشاء بالدِّرَّة، ويقول: انصرفوا إلى بيوتكم. هكذا الحديث: ينش. قال أبو عبيد: ونرى أن هذا ليس بمحفوظ. وقال بعض أهل العلم: إنما هو ينس، بالسين المهملة، يقول: يسوق الناس، والنس هو السوق؛ ومنه قول الحطيئة:

وقد نظرتكم إيناء صادرة ... للورد طال بها حوزي وتنساسي

فالحوز: السير اللين، والتنساس: الشديد، يقول: مرة أسوقها كذا ومرة كذا. قال أبو عبيد: فإن كان هذا الحرف هكذا، فهذا تصحيف بيِّن على المحدِّث، ولكني أحسبه: ينوش الناس (بالشين)، وهذا قد يقرب في اللفظ من ينش، ومعنى النوش صحيح ها هنا، إنما هو التناول، يقول: يتناولهم بالدرة، وقال الله تبارك وتعالى: {وأنى لهم التناوش من مكان بعيد}

<<  <  ج: ص:  >  >>