قال أبو نعيم: غريب من حديث الثوري وسهيل، لم نكتبه إلا من هذا الوجه. قلت: وعبد العزيز بن أبان: متروك، كذَّبه ابن معين. كما في «التقريب». الطريق الثانية: أخرجها الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٨/ ١٣ رقم ٣٠١٤) وابن عدي (٦/ ٢٣٠ - ترجمة محمد بن عمار) وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» (١/ ٢٢١) والبيهقي (٦/ ١٢١) من طريق محمد بن عمَّار المؤذِّن، عن المَقْبري، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أَعطوا الأجيرَ أجرَهُ من قبلِ أن يجفَّ عرقُهُ». قال الزيلعي في «نصب الراية» (٤/ ١٣٠): قال ابن طاهر: والحديث يُعرَف بابن عمَّار هذا، وليس بالمحفوظ. وتعقَّبه الشيخ الألباني، فقال في «الإرواء» (٥/ ٣٢٢): وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات، فإن محمد بن عمَّار المؤذِّن، قال ابن المديني: ثقة. وقال أحمد: ما أرى به بأسًا. وقال ابن معين وأبو حاتم: لم يكن به بأس. وذكره ابن حبان في «الثقات» ولم يضعِّفه أحد، فلا أدري بعد هذا، ما وجه قول ابن طاهر الذي نقله الزيلعي؟! فإن مثل هذا القول: «ليس بالمحفوظ «، إنما يقال في حديث تفرَّد به ضعيف، أو خالَفَه فيه الثقات، وليس في هذا الحديث شيء من ذلك، والله أعلم. اهـ. قلت: أو يتفرد عن إمام مشهور بما لا يُتابَع عليه، ولسعيد المَقْبري أصحاب اعتنوا بحديثه، كالليث بن سعد، وابن أبي ذِئب، وعبيد الله بن عمر، فأين كان هؤلاء عن حديث يتفرد به عنهم محمد بن عمار هذا؟! فصح ما قاله ابن طاهر، والله أعلم. قلت: ويغني عن هذا كله ما أخرجه البخاري في «صحيحه» (٤/ ٤١٧، ٤٤٧ رقم ٢٢٢٧، ٢٢٧٠ - فتح) في البيوع، باب إثم من باع حُرًّا، وفي الإجارة، باب إثم من منع أجر الأجير، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله تعالى: ثلاثةٌ أنا خَصمُهُم يومَ القيامةِ: رجلٌ أَعطى بي ثم غَدَر، ورجلٌ باع حُرًّا فأكل ثمنَهُ، ورجلٌ استأجَرَ أجيرًا فاستَوفى منه ولم يُعطِهِ أجرَهُ».