وقال ابن عبد البر في «التمهيد» (١٢/ ٥٨): الأحاديث المروية في هذا الباب كلها معلولة، وليست أسانيدها بالقوية، ولكنها لم يرو شيء يخالفها عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، والأصول تعضدها، والقول بها والمصير إليها أولى. ورجَّح الموصول جماعة، وهم: ١ - الحاكم: قال: وَجَدتُ سفيان الثوري، وعبد الرحمن بن محمد المحاربي، وعيسى بن يونس، وثلاثتهم كوفيون حدَّثوا به عن محمد، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه رضي الله عنه: أنَّ غَيْلان بن سلمة أَسلَمَ وعنده عشر نسوة، فأمره رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يختار منهن أربعًا. وقال -أيضًا-: والذي يؤدي إليه اجتهادي أنَّ معمر بن راشد حدَّث به على الوجهين، أرسَلَه مرة، ووَصَله مرة، والدليل عليه: أنَّ الذين وَصَلوه عنه من أهل البصرة، فقد أرسَلوه -أيضًا-، والوَصْل أولى من الإرسال، فإن الزيادة من الثقة مقبولة، والله أعلم (!) «المستدرك» (٢/ ١٩٣). ٢ - البيهقي: قال: قد روِّيناه عن غير أهل البصرة، عن معمر، كذلك موصولاً، والله تعالى أعلم، وقد روي من وجه آخر عن نافع وسالم، عن ابن عمرَ رضي الله عنهما. ٣ - ابن حزم: قال: فإن قيل: فإن معمرًا أخطأ في هذا الحديث خطأً فاسدًا فأسنَدَه، قلنا: معمر ثقة مأمون، فمن ادَّعى عليه أنه أخطأ، فعليه البرهان بذلك، ولا سبيل له إليه. «المحلى» (٩/ ٤٤١). ٤ - ابن القطان: قال بعد ذكره للحديث: وهذا هو الحديث الذي اعتمده هؤلاء في تخطئة معمر فيه، وما ذلك بالبيِّن، فإن معمرًا حافظ (!) ولا بُعد في أن يكون عند الزهري في هذا كل ما روي عنه (!) وإنما اتجهت تخطئتهم رواية معمر هذه من حيث الاستبعاد أن يكون الزهري يَرويه بهذا الإسناد الصحيح، عن سالم، عن أبيه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ثم يحدِّث به على تلك الوجوه الواهية ... ، وهذا عندي غير مستبعد أن يحدِّث به على الوجوه كلِّها، فيعلِّق كل واحد من الرواة عنه منها ما تيسر له حفظه، فربما اجتمع كل ذلك عند أحدهم، أو أكثره، أو أقله (!) «بيان الوهم والإيهام» (٣/ ٤٩٧ - ٤٩٨). =