للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذَكَر لي أخي أنه قد سَكِرَ، فقلت: ادخل الدَّار أُطهِّرك، فآذنني أنه قد أَعلَمَ عَمرا، فقلت: / (ق ٢٦٦) والله لا يُحلَقُ على رءوس الناس، ادخل أَحلِقُكَ -وكانوا إذا ذاك يحلقون مع الحدِّ- قال: فحَلَقتُهُ بيدي، ثم جَلَدهم عمرو، فسَمِعَ بذلك عمرُ، فكَتَب أن ابعث إليَّ بعبد الرحمن على قَتَب، ففعل، فلما قَدِمَ عليه جَلَده وعاقَبَه من أجل مكانه منه، ثم أرسَلَه، فلبِثَ شهرًا صحيحًا، ثم أصابه قَدَرُهُ، فيَحسَبُ عامَّة الناس أنه مات من جَلْد عمر، فلم يمت من جَلْدِهِ.

هذا إسناد صحيح، والسياق الأوَّل حسن.

وفيه دلالة على جواز الزيادة على الحدِّ بما يراه الإمام زاجرًا من حَلْق شَعْر أو تغريب، وأما إعادة عمر الحدَّ على ابنه فيحتمل أنه أكمل له ثمانين (١)،

كما رواه مسلم (٢)، عن أنس بن مالك: أنَّ عمرَ بن الخطاب استشارهم في حدِّ الخمر، فقال عبد الرحمن: أخفَّ الحدود ثمانين، فأمر به عمرُ رضي الله عنه.

وروى -أيضًا- (٣)، عن علي -رضي الله عنه- أنه لما جَلَد الوليد بن عُقبة أربعين بين يَدَي عثمان قال: جَلَد رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أربعين، وأبو بكرٍ أربعين، وعمرُ


(١) وقال البيهقي: والذي يشبه أنه جَلَده جَلْد تعزير، فإن الحدَّ لا يعاد، والله أعلم.

وقال ابن الجوزي في «المنتظم» (٤/ ١٨٤): ولا ينبغي أن يُظن بعبد الرحمن أنه شرب الخمر، إنما شرب النبيذ متأولاً، فظن أن ما شرب منه لا يُسكر، وكذلك أبو سِروعة، فلما خَرَج الأمر بهما إلى السُّكر طلبا التطهير بالحدِّ، وقد كان يكفيهما مجرد الندم، غير أنهما غضبًا لله تعالى على أنفسهما المفرطة، أسلماها إلى إقامة الحدِّ، وأما إعادة عمر الضرب فإنما ضربه تأديبًا لا حدًّا.
(٢) تقدَّم تخريجه (ص ٢٧١) تعليق رقم ٣
(٣) تقدَّم تخريجه (ص ٢٧١) تعليق رقم ٢

<<  <  ج: ص:  >  >>