للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمانين، وكُلٌّ سُنَّة، وهذا أحبُّ إليَّ.

فقوله: وكُلٌّ سُنَّة: دليل على تسويغ ذلك، ويحتمل أنه ثنَّاه عليه لأجل أنه قريبه، فإنَّه كان قد تقدَّم في أوَّل ولايته إلى أهله أنهم لا يأتون شيئًا مما نهى الناس عنه إلا أضعف لهم العقوبة (١).

وهذا هو الظاهر، لقول عبد الله بن عمرَ: فلمَّا قَدِمَ عليه جَلَده وعاقَبَه من أجل مكانه منه، ومرادُ عمرَ أنَّ وَلَدَهُ لا يختصُّ في حدود الله من بين الناس بمزية، وإلا فلو رأى الإمامُ أن يُقيمَ الحدَّ على شارب الخمر في البيت كان له ذلك.

(٧٢٢) كما رواه البخاري (٢): عن قتيبة، عن عبد الوهاب، عن


(١) يشير إلى: ما أخرجه معمر في «جامعه» الملحق بـ «المصنَّف» (١١/ ٣٤٣ رقم ٢٠٧١٢) وعمر بن شبَّة في «تاريخ المدينة» (٢/ ٧٥١) من طريق يونس بن يزيد. كلاهما (معمر، ويونس) عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال: كان عمرُ بن الخطاب إذا نهى الناس عن شيء دخل إلى أهله -أو قال: جَمَع- فقال: إنيِّ نهيت عن كذا وكذا، والناس إنما ينظرون إليكم نظر الطَّير إلى اللَّحم، فإن وقعتم وقعوا، وإن هِبتُم هابُوا، وإنِّي والله لا أُوتَى برجل منكم وقع في شيء ممَّا نهيتُ عنه الناسَ إلا أضعفت له العقوبة لمكانه منيِّ، فمن شاء فليتقدَّم، ومَن شاء فليتأخَّر.
وهذا إسناد صحيح.
وله طريق أخرى: أخرجها البلاذُري في «أنساب الأشراف» (ص ٢٢٢) عن مصعب بن عبد الله الزبيري، عن أبيه، عن مالك بن أنس، عن زيد بن أسلم، عن أبيه: أنَّ عمرَ بن الخطاب صعد المنبر، واجتمع الناس إليه من نواحي المدينة، فعلَّمهم، وأمرهم، ونهاهم، وتوعَّدهم، ثم أتى أهلَه، فقال: قد سمعتم، وإن أتى أحدٌ منكم شيئًا مما نهيت عنه، أضعفت له العقوبة.
وهذا إسناد صحيح.
(٢) في «صحيحه» (١٢/ ٦٤ رقم ٦٧٧٤ - فتح) في الحدود، باب من أمر بضرب الحد في البيت.

<<  <  ج: ص:  >  >>