للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منكم تريدون (١) أن تختزلونا (٢) من أصلنا، وتَحضُنُونا (٣) من الأمر، فلمَّا سَكَتَ أردتُ أن أتكلَّمَ، وكنتُ قد زوَّرتُ (٤) مقالةً أعجبتني، أريد (٥) أن أقولهَا بين يَدَي أبي بكرٍ -رضي الله عنه-، وقد كنتُ أُداري منه بعضَ الحدِّ، وهو كان أحلمَ منيِّ وأوقرَ، (٦)

واللهِ ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قالها في بديهته وأفضلَ، حتى سَكَتَ، فقال: أمَّا بعدُ، فما ذَكَرتم من خير فأنتم أهلُه، ولم تعرفِ العربُ هذا الأمرَ إلا لهذا الحيِّ من قريش، هم أوسطُ العرب نسبًا ودارًا، وقد رَضِيتُ لكم أحدَ هذين الرَّجلين أيُّهما شئتم، وأخذ بيدي وبيد أبي عُبيدة بن الجرَّاح، فلم أكره ممَّا قال غيرَها، وكان والله أن أُقدَّمَ فتُضرَبَ عُنُقي لا يُقرِّبني ذلك إلى إثم، أحبُّ إليَّ أن أتأمَّر على قوم فيهم أبو بكرٍ، إلاَّ أن تَعيَر (٧) نفسي عند الموت. فقال قائل من الأنصارِ: أنا جُذَيْلُها المُحكَّك، وعُذَيْقُها المُرجَّبُ، منَّا أميرٌ، ومنكم أميرٌ، يا معشر قريش -فقلت لمالك: ما معنى أنا جُذَيْلُها المُحكَّكُ، وعُذَيْقُها المُرجَّبُ؟ قال: كأنه يقول: أنا داهيتُها-. قال: فكَثُر اللَّغطُ، / (ق ٢٧٦) وارتفعت


(١) ضبطها المؤلِّف بالتاء الفوقانية والياء التحتانية، وفي المطبوع: «يريدون».
(٢) كذا ورد بالأصل. وفي المطبوع: «يختزلونا»، وقوله: يريدون أن يختزلونا من أصلنا: أي: يقتطعونا ويذهبوا بنا مُنفَرِدِين. «النهاية» (٢/ ٢٩).
(٣) كذا ورد بالأصل. وفي المطبوع: «ويَحضُنُونا»، والمعنى: يخرجونا. «النهاية» (١/ ٤٠١).
(٤) أي: هيَّأت وأصلحت. «النهاية» (٢/ ٣١٨).
(٥) كذا ورد بالأصل. وكَتَب المؤلِّف بجوارها في حاشية الأصل: «أردت»، وكَتَب فوقها: «خ»، إشارة إلى وروده في نسخة، وهو كذلك في المطبوع.
(٦) زاد في المطبوع: «فقال أبو بكر: على رِسْلك، فكرهتُ أن أُغضِبَه، وكان أعلمَ منِّي وأوقرَ» ..
(٧) كذا ورد بالأصل. وفي المطبوع: «تغيَّر».

<<  <  ج: ص:  >  >>