المبني في النداء هو اسم مفرد معروف، وإن الإضافة تبطل هذا البناء.
أما في النداء فقد ذكرنا حجته.
وأما في " لا " فإنها لو بنيت مع المضاف والمضاف إليه صار بمنزلة ثلاثة أشياء جعلت شيئا واحدا وليس هذا في الكلام.
ويجري مجرى المضاف الموصول بشيء هو من تمامه؛ لأن الاسم مع تمامه بمنزلة المضاف والمضاف إليه.
وكذلك حكم المنادى المضاف والموصول أنهما لا يبنيان، وذلك قولك: " لا خيرا من زيد " و " لا ضاربا زيدا " و " لا حسنا وجهه لك " لأن " من زيد " من تمام .. خبر " وزيدا " مفعول " ضارب " ووجهه " فاعل " حسن.
وعلى هذا قال الخليل: " لا آمرا بالمعروف لك؛ لأن الباء من " بمعروف " منصوب بآمر، كقولك: أمرت بالمعروف فأنا آمر بالمعروف، و " الباء " في اسم الفاعل مثلها في الفعل، وكذلك لو حذفت الباء فجعلت " المعروف " مفعول آمر " قلت ": " لا آمرا معروفا ".
فإن قلت: " لا آمر بمعروف " فإن الباء ليست في صلة " آمر " كأنك قلت: " لا آمر " وسكتّ وأضمرت خبره ثم جئت بالباء للتبيين، كأنك قلت: أعني بمعروف كما تقول:
" سقيا " ثم تجيء ب " لك " على أعني.
وكذلك: لا داعيا إلى الله لك. و " لا مغيرا على الأعداء لك ".
وقولك: " لا آمر في الدار يوم الجمعة " لا يعمل فيها " آمر " إنما هي خبر أو نعت:
والعامل فيها " استقر " ويوم الجمعة ظرف للاستقرار الذي ناب عنه " في الدار " ويجوز تقديمه عليه " لا آمر يوم الجمعة فيها ".
فإن قلت: " لا آمرا يوم الجمعة " فيوم الجمعة منصوب " بآمر " كأنك قلت: لا رجل يأمر يوم الجمعة. فنفيت من يقع أمره في يوم الجمعة دون من سواهم.
وإن قلت: " لا آمر يوم الجمعة " فقد نفيت الآمرين كلهم؛ لأنك لم تعلق الأمر بيوم الجمعة فصار كأنك قلت: " لا آمر " كما تقول: " لا رجل " وتضمر الخبر وتجعل " يوم الجمعة " ظرفا لذلك الخبر، كأنك قلت: " لا آمر لنا يوم الجمعة " أي نملكه يوم الجمعة، وفيما ذكرناه دلالة على غيره.