للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تكلموا بالآخر؛ لأن معناه النفي، إذا كان وصفا لمنفي، كما قالوا قد عرفت زيدا أبو من هو؟ لما ذكرت لك؛ لأن معناه معنى المستفهم عنه.

وقد يجوز ما أظن أحدا فيها إلا زيدا. ولا أحد منهم اتخذت عنده يدا إلا زيد على قوله: " إلا كواكبها ".

وتقول: ما ضربت أحدا يقول ذاك إلا زيد، لا يكون في ذا إلا النصب؛ وذلك لأنك أردت في هذا الموضع أن تخبر بموقوع فعلك. ولم ترد أن تخبر أنه ليس يقول ذاك إلا زيد. ولكنك أخبرت أنك ضربت ممن يقول ذاك زيدا.

والمعنى في الأول: أنك أردت أنه ليس يقول ذاك إلا زيدا، ولكنك قلت: رأيت أو ظننت أو نحوهما لتجعل ذاك فيما رأيت وفيما ظننت. ولو جعلت رأيت رؤية العين كان بمنزلة ضربت.

قال الخليل: ألا ترى أنك تقول: " ما رأيته يقول ذاك إلا زيد، وما أظنه يقوله إلا عمرو " فهذا يدلك على أنك إنما انتحيت على القوم ولم ترد أن تجعل عبد الله موضع فعل كضربت وقتلت، ولكنه فعل بمنزلة " ليس " يجيء لمعنى، وإنما يدل على ما في علمك.

وتقول: " أقل رجل يقول ذاك إلا زيد " لأنه صار في معنى: ما أحد فيها إلا زيد.

وتقول: " قلّ رجل يقول ذاك إلا زيد " فليس زيد بدلا من الرجل في أقل ...

ولكن قلّ رجل في موضع " أقل رجل " ومعناه كمعناه. وأقل رجل: مبتدأ مبني عليه.

والمستثنى بدل منه. لأنك تدخله في شيء يخرج منه من سواه.

وكذلك: أقل من يقول ذلك وقلّ من يقول ذلك، إذا جعلت " من " بمنزلة رجل.

حدثنا بذلك يونس عن العرب أنهم يجعلونه نكرة كما قال:

ربما تكره النفوس من الأم ... ر له فرجة كحلّ العقال (١)

ويروى: تجزع النفوس فجعل " ما " نكرة ".

قال أبو سعيد: الذي جعله سيبويه بدلا في أول هذا الكتاب من قوله: ما أتاني أحد إلا زيد. وما مررت بأحد إلا عمرو، جعله الكسائي والفراء عطفا.


(١) البيت لأمية بن أبي الصلت في ديوانه ٥٠، ومعجم الأدباء ١/ ١٨٦، ومعجم الشعراء ٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>