للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: " ترى " بعد " خليليّ "، وقال آخر:

فإن تزجراني يا ابن عفّان أزدجر ... وإن تتركاني أحم عرضا ممنّعا (١)

وقال أوس بن حجر:

يا ابني شراحيل ما بالي وبالكما ... إنّ المجاهل منها عرية قذف

أذمة لكما عندي فنطلبها ... أم من عرام إلهي نالكم نطف

فنطلبها لواحد، وابتداء الخطاب لاثنين، ويروى " فأعطيها "، وتعود " الهاء " إلى ذمة، وهذا لا شاهد فيه.

وقال بعض النحويين: إنّ العرب جرت عادتها في خطاب الواحد بلفظ الاثنين، على عادتهم إذا أرادوا الرحيل وأمروا برحلة البعير، وشدّ الأداة عليه، أن يأمروا اثنين بالشد، فيقولون: " يا غلامان ارحلاه، ونحو ذلك، وهذا يكثر في كلامهم، فجروا على عادة ذلك اللفظ وإن أرادوا واحدا.

وذكر بعض النحويين أن قوله عز وجل: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ (٢) خطاب لواحد وأجري بلفظ الاثنين، فإذا صح أنه خطاب

لواحد فهو على نحو ما ذكرناه.

وأما ضمير الغائب فإنه يثنى ويجمع وتبين فيه علامة المؤنث، وهو أولى بذلك؛ لأنه ضمير ظاهر قد جرى ذكره، والظاهر يثّنّى ويجمع، ويدخل فيه المؤنث.

واعلم أن في المضمرات منفصلا ومتصلا:

فأما المنفصل فهو: " أنا " و " أنت " و " نحن " و " أنتما " و " أنتم " و " أنتن " و " هو " و " هي " و " هما " و " هم " و " هن وقد أجري الضمير للمنصوب: " إيا " وما يتصل بها من علامة المتكلم والمخاطب والغائب في التثنية والجمع، والمؤنث والمذكر نحو: إياي، وإيانا، وإياه، وإياهما، وإياهم ... ، وسائر ما يتصل بإيا.

وأما الضمير المتصل فهو: كل ضمير لمجرور، وكل ضمير لمنصوب سوى (إيا)، وكل ضمير لمرفوع سوى ما ذكرناه من (أنا) وما بعده إلى (هن)، إنما جعل بعضه متصلا وبعضه منفصلا؛ لاختلاف مواقع ما نضمر؛ لأن الأسماء التي تضمر بعضها يتصل باللفظ العامل الذي يعمل فيه، فضميره يقع موقعه في الاتصال بالعامل، وبعضها ينفصل عن


(١) البيت منسوب لسويد بن كراع العكلي، الخزانة ١١/ ١٧؛ ولسان العرب (جزز)؛ وتاج العروس (جزز).
(٢) سورة ق، من الآية: ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>