للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عامله بالتقدّم عليه، وبالفصل بينه وبينه، فضميره منفصل من عامله.

ومن المنفصل أيضا ضمير الاسم الذي لا لفظ يعمل فيه فيتصل به.

وجملة الضمير تجري مجرى حروف المعاني التي تستعمل في الأشياء المختلفة، وهي حروف قليلة محصورة تستعمل فيما لا يحصي من الأسماء والأفعال، كحروف العطف، وحروف الخفض، وحروف النصب في الأسماء والأفعال، وحروف الجزم وحروف الاستفهام وما جرى مجراهن، وكذلك الضمائر هي ضمائر أسماء مختلفة بألفاظ قليلة محصورة تتكرر على كل المضمرات، فلما كانت كذلك قلّلت حروفها، فجعل ما كان منها متصلا على حرف، إلا أن يكون هاء فيزاد عليه حرف آخر لخفائه، كالتاء في قمت، والكاف في ضربتك، وجعل بعض المتصل في النية كالضمير في أفعل ونفعل وتفعل، وفي زيد قام، وزيد في التثنية والجمع، واحتمل أن يكون على حرف واحد؛ لأنه يتصل بما قبله من حروف الكلمة.

وإذا كان منفصلا كان على حرفين أو أكثر؛ لأنه لا يمكن إفراد كلمة على حرف واحد، والمنفصل منفرد عن غيره بمنزلة الاسم الظاهر، وهذه سبيل حروف المعاني؛ منها ما هو على حرف واحد كواو العطف والباء واللام، ومنها ما هو على أكثر من حرف ك (عن وعلى).

ومن أجل أنّ المتصل أقلّ حروفا من المنفصل كان النطق بالمتصل أخفّ، فلم يستعملوا المنفصل في المواضع التي يقع فيها المتصل؛ لأنهم لا يؤثرون الأثقل على الأخفّ إلا في الضرورة، وهذا الذي ضمّنه سيبويه الباب حين قال: (لا يقع أنت موضع التاء في فعلت، ولا أنتما في موضع تما التي في فعلتما، وسائر ما ذكره إثر هذه إلى آخر الباب.

فإن قال قائل: فلم تغيرت حروف المضمرات وصيغتها في الرفع والنصب؟ فيقال:

أنت في الرفع، وإياك في النصب، والتاء في ضربتك للمرفوع، والكاف للمنصوب، ومن سبيل الأسماء الظاهرة أن لا تتغير حروفها وصيغتها كقولك: (هذا زيد)، و (رأيت زيدا) و (مررت بزيد)؟

قيل: لمّا كانت الضمائر واقعة مواقع الأسماء المعربة المختلفة الإعراب، وهي مبنية، جعلوا العوض من الإعراب الدّال على المعاني المختلفة تغيير صيغة؛ ليدلّ على مثل ما دلّ عليه الإعراب وهو مبني.

<<  <  ج: ص:  >  >>