للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من يأتها لا يضيرها (١)

ففي رفع (يضيرها) وجهان:

أحدهما: بإضمار (الفاء) كأنه قال: فلا يضيرها؛ وهذا الوجه لا خلاف في جوازه.

والوجه الآخر: يرتفع على التقديم كأنه قال: لا يضيرها من يأتها.

وقد خالف سيبويه فيما أجازه من التقديم في هذا البيت اثنان:

أحدهما: الذي يرى أن الفعل المرفوع إذا وقع بعد الشرط، لم يجز أن ينوي به التقديم، وإن حسن تقديمه. وقائل هذا محمد بن يزيد، يقول: إن أتيتني أكرمك، لا يجوز أن يكون بتقدير: أكرمك إن أتيتني، وإن كان يحسن أن يقول: أكرمك إن أتيتني.

والمخالف الآخر زعم أنه لا يجوز بتقدير التقديم فيه، لأنا إن قدمناه لم يجز أن يكون (من) فاعلا ليضيرها لأنها قد جزمت (بأنها)، ولا يجوز أن تجزم وهي فاعلة لفعل قبلها؛ وإن لم تكن (من) هي الفاعلة فلا يبين لها فاعل، فلم يجز غيره التقديم من أجل ذلك.

فأما أبو العباس فقد ذكرنا قوله قبل هذا، وصحته أن المرفوع إذا وقع بعد الشرط، فقد وقع في موقعه، فلا ينوي به التقديم الذي ليس بموضعه، كما لا يقال: ضرب غلامه زيدا على نية:

ضرب زيدا غلامه، لأن الغلام وقع في موضعه لأنه فاعل، وحق الفاعل التقديم؛ والجواب عن هذا: أن الشرط على وجهين:

أحدهما: أن يكون المعتمد المقصود تقديم الشرط، واتباع الجواب له كقولك: إن تأتني آتك، وإن تأتني فأنا مكرم لك، فلا يجوز تقديم الجواب على الشرط.

والآخر: أن يكون الاعتماد على فعل وفاعل ومبتدإ؛ وحين يبتدئه المتكلم ويعلقه بشرط كما يعلقه بظرف فيقول: أكرمك إن أتيتني، وأنا مكرمك إن زرتني. كما تقول:

أكرمك يوم الجمعة. فإذا قال: إن أتيتني أكرمك، فليس (أكرمك) بجواب، فيكون تقديمنا له إلى غير موضعه؛ وإنما جعل الفعل الذي القصد فيه التقديم، ويدل على ذلك أن المقسم إذا حلف على شرط وجزاء، جعل جواب القسم

نائبا عن الجزاء، وجعل إعرابه ولفظه على جواب اليمين دون جواب الشرط في المجازاة.

وإن كان واقعا بعد الشرط، وذلك قولك: والله لإن جفوتني لا أزورك، فترفع (لا


(١) عجز بيت سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>