للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أزورك) وهو بعد (جفوتني) الذي هو شرط؛ فإن كان (لا أزورك) مجازاة، فينبغي أن يكون مجزوما، وإن كان ينوي به غير المجازاة، وهو واقع موقع الجزاء ما ينوي به غير الجزاء.

وقد ذكر أبو بكر بن الأعرابي عن أبي العباس المبرد أنه قال:

إذا قلت: لإن أتيتني لأكرمنك. وإنما هو: والله لإن أتيتني والله لأكرمنك، وأضمرت، قال: ولا يكون هذا إلا على قسمين.

قال أبو سعيد: وهذا غلط وسهو من أبي العباس لأن الشرط إذا أفرد فليس بخبر، والقسم إنما يقع على خبر، وما يصح فيه التصديق والتكذيب، ألا ترى أن الاستفهام والأمر والنهي لا يصح القسم عليهنّ لأنهن لسن بأخبار، فكيف يصح القسم على الشرط وحده، وأما الذي رد تقديم (لا يضيرها) لأنه لا فاعل معه، فيجوز أن يكون ضمير الفاعل على شرط التفسير، كما يكون في قولك: ضربني وضربت زيدا، ونحو ذلك مما يضمر على شرط التفسير، كأنه قال: لا يضيرها أحد إن أتاها أحد؛ لأنّ معنى من يأتها إن يأتها أحد، فأضمر في يضيرها؛ لأن الكلام الذي بعدها فيه ذكر المضمر الذي أضمر على شرط التفسير، وأما: أقول مهما تقل، وأكون حيثما تكن وأكون أين تكن، وآتيك متى تأتني، وتلتبس بها أنّى تأتها فلا يجوز رفع ما بعدهن من الأفعال لأنهن لا يكن بمنزلة (الذي) كما تكون (من) و (ما) و (أيهم)، فنجعل الفعل بعدهن صلة لها، ونرفع، ألا ترى أنّك تقول: مررت بمن يعجبني، وبما يسرّني، وبأيّهم يوافقني، ولا تقول مررت بمهما يسرني.

فلما لم تكن هذه الحروف بمنزلة الذي بطل رفع الفعل فيهنّ، ووجبت المجازاة وقبح الجزم في فعل الشرط، إذ لا جواب بعده، كما قبح أن تقول: أقول إن تقل وآتيك إن تأتني ولو كان ماضيا لحسن كقولك: أقول إن قلت، وآتيك إن أتيتني لأن الشرط لم يجزم، وهذه الظروف التي يجازي بها لا تتمكن ولا يخبر عنها كما يخبر عن (ما) و (من) و (أيهم) ألا ترى أنك تقول ما تصنع قبيح على أن ما مبتدأ، وتصنع في صلته وقبيح خبره، ولا يجوز مهما تصنع قبيح؛ لأن مهما لا يخبر عنها، وتقول: في الكتاب ما تقول- بمعنى مكتوب عندي ما تقول- فتكون (ما) مبتدأ بمنزلة (الذي)، و (تقول) صلتها، و (في الكتاب) خبر مقدّم، كما يقول: في الدار صنيعك، ولا يجوز على هذا: في الكتاب

مهما تقول، إذا جعلت (تقول) صلة لمهما كما تجعلها صلة لما.

<<  <  ج: ص:  >  >>