للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يأتيني بمنزلة عبد الله- وأنت لا يجوز لك أن تقول: عبد الله فله درهمان؟ فقال: إنما يحسن في الذي لأنه جعل

الآخر جوابا للأول، وجعل الأول به يجب له الدرهمان، فدخلت الفاء هاهنا، كما دخلت في الجزاء، إذا قلت: إن يأتني فله درهمان، وإن شاء قال: الذي يأتيني له درهمان، كما تقول: عبد الله له درهمان، غير أنه إنما أدخل الفاء لتكون العطية مع وقوع الإتيان، فإذا قال: له درهمان، فقد يكون ألا يوجب له ذلك بالإتيان، فإذا أدخل الفاء، فإنما يجعل الإتيان سبب ذلك، فهذا جزاء وإن لم يجزم لأنه صلة، ومثل ذلك قولهم:

كل رجل يأتينا فله درهمان، ولو قال: كل رجل فله درهمان كان محالا.

لأنه لم يجئ بفعل، ولا بعمل يكون له جواب.

ومثل ذلك قول الله- تعالى-: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ (١) وقال- تبارك وتعالى-: قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ (٢).

وسألت الخليل عن قول الله- تبارك اسمه-: حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها (٣) أين جوابها؟ وعن قوله- جل ثناؤه-: وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ (٤)، وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ (٥) فقال: إن العرب قد تترك في مثل هذا الخبر في كلامها لعلم المخبر لأي شيء وضع هذا الكلام.

وزعم أنه وجد في أشعارها ((ربّ)) لا جواب لها. من ذلك قول الشماخ:

ودويّة قفر تمشيّ نعامها ... كمشي النّصارى في خفاف اليرندج (٦)

فهذه القصيدة التي فيها هذا البيت لم يجئ فيها جواب (رب) لعلم المخاطب أنه يريد: قطعتها، أو ما فيه هذا المعنى.

قال أبو سعيد: أما قوله حسبك وكفيك وشرعك: فهي أسماء مبتدأة وأخبارها


(١) سورة البقرة، الآية: ٢٧٤.
(٢) سورة الجمعة، الآية: ٨.
(٣) سورة الزمر، الآية: ٧١.
(٤) سورة البقرة، الآية: ١٦٥.
(٥) سورة الأنعام، الآية: ٢٧.
(٦) البيت في ديوانه ٨٣؛ الكتاب ٣/ ١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>