للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبيض مصقول السّطام ... ... (١)

على معنى: أو هات أبيض مصقول السّطام؛ وقوله: آتي الأمير لا يقطع اللصّ، رفع (يقطع) لأن الذي قبله كلام موجب، وإخبار مطلق، وليس قبله شرط ولا أمر ولا نهي ولا استفهام، ولو اضطر شاعر فجزم (يقطع) لجاز

على معنى أن آته لا يقطع اللصّ، وكأنه قد اعتقد أن إتيانه إياه هو سبب لا يقطع اللصّ من أجله، فصار بمنزلة أن آته لا يقطعه. وقوله: أما أنت منطلقا أنطلق معك بالرفع، لأن تقديره: لأن كنت منطلقا أنطلق معك، فكأنه قال: لخروجك أخرج معك، ولمقامك ألزمك، وقد ذكرناه في موضعه قبل هذا الموضع بالبسط والشرح من هذا الكلام.

وقوله: ما تدوم لي أدوم لك، (ما) والفعل بمنزلة المصدر، فقام مقام الوقت كمقدم الحاج، وخفوق النجم، فكأنه قال:

وقت دوامك لي أدوم لك، كما تقول: يوم خروجك ألزمك، ولا يجوز أن تقول:

ما تدم لي أدم لك.

كما تقول: متى تدم لي أدم لك، وأين تكن أكن، لأن (ما) إذا جعلت وما بعدها من الفعل مصدر أبطل فيها الاستفهام لأنها إذا كانت للاستفهام لم يحتج إلى أن يوصل بفعل، وإنما يجازى بما إذا نقلت عن الاستفهام لاستواء الجزاء والاستفهام.

هذا معنى قول سيبويه: إنك لا تستطيع أن تستفهم بما تدوم على هذا الحد، يعني إذا كانت موصولة بتدوم؛ ومثله: كلما تأتيني آتيك: معناه كل وقت إتيان منك لي آتيك، ولا يجوز الاستفهام فيه كما لا يستفهم بما تدوم. ومن أجل هذا المعنى قال الفقهاء: إذا قال الرجل لامرأته: كلما تدخلين هذه الدار فأنت طالق، فدخلتها ثلاث مرات فإنها تطّلق ثلاث تطليقات لكل دخلة تطليقة؛ لأن معناه كل وقت دخلة تدخلين فيه، فوقت كل دخلة غير وقت الدخلة الأخرى؛ وقالوا لو قال: إن دخلت هذه الدار فأنت طالق فدخلتها ثلاث مرات لم يقع إلا تطليقة واحدة، لأنه ليس في ألفاظ هذه الأشياء تكرير أوقات تتعلق من الحكم بكل واحد منها غير ما يتعلق بالآخر، ألا ترى أنه إذا قال: كل


(١) البيتان منسوبان لكعب بن جعيل التغلبي وتمامهما:
أعني بخوار العنان تخاله ... إذا راح بردي بالمدجج أمردا
وأبيض مصقول السطام مهندا ... وذا حلق من نسج داود مسردا
الكتاب ١/ ١٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>