للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما هو فاعل وما يفعل، كما كان لظلوّا مثل لظللن، وكما جاءت سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ (١) على قوله: أم صمتّم، وكذلك جاء هذا على ما هو فاعل.

قال: وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ (٢). أي ما هم تابعين. وقال- عز وجل-: وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ (٣) أي ما يمسكها من أحد؛ وأما قوله- عز وجل-:

وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ (٤). فإن (إنّ) حرف توكيد ولها لام كلام اليمين لذلك أدخلوها، كما أدخلوا في إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ (٥)، ودخلت اللام التي في الفعل على اليمين، كأنه قال: إنّ زيدا لما والله ليفعلنّ، وقد يستقيم في الكلام: إن زيدا ليضرب، وليذهب، ولم يقع ضرب، والأكثر على ألسنتهم- كما خبرتك- في اليمين، فمن ثم ألزموا النون في اليمين لئلا يلتبس بما هو واقع.

قال- عز وجل-: إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ (٦). قال لبيد:

ولقد علمت لتأتينّ منيّتي ... إنّ المنايا لا تطيش سهامها (٧)

كأنه قال: والله لتأتين، كما قال: لقد علمت لعبد الله خير منك،

قال: أظن لتسبقنّني وأظن لتموتنّ وهو بمنزلة: علمت، وقال عز وجل: ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (٨) ابتداء، ألا ترى أنك لو قلت بدا لهم أيهم أفضل، لحسن كحسنه في (علمت). كأنك قلت: ظهر لهم أهذا أفضل، أم هذا.

قال أبو سعيد: النون دخلت مع اللام في جواب القسم لأن اللام وحدها تدخل


(١) سورة الأعراف، الآية: ١٩٣.
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٤٥.
(٣) سورة فاطر، الآية: ٤١.
(٤) سورة هود، الآية: ١١١.
(٥) سورة الطارق، الآية: ٤.
(٦) سورة النحل، الآية: ١٢٤.
(٧) البيت في ديوانه، الخزانة ٤/ ١٣، ٣٣٢؛ الكتاب ٣/ ١١٠.
(٨) سورة يوسف، الآية: ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>