للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الفعل المستقبل في خبر (إن)، وليس دخول اللام في خبر إن للقسم، وقد تدخل في خبر إن ومعها القسم، وألزموها النون للفصل بين اللام الداخلة لجواب القسم، والداخلة لغير القسم.

فإذا قلت إن زيدا ليضربن عمرا، فاللام مع النون دخلت للقسم، وتقديره: إن زيدا والله ليضربن عمرا.

وإذا قلت: إن زيدا ليضرب عمرا، فهذه اللام تقديرها أن تكون داخلة على أن وأخرت، وبين هذه اللام وبين التي معها النون فصل من وجهين: أحدهما أن اللام التي معها النون لا تكون إلا للمستقبل، والتي ليس معها النون تكون للحال، وقد يجوز أن يراد بها المستقبل؛ والوجه الآخر من الفصل، أن المفعول به لا يجوز تقديمه على الفعل الذي فيه النون، ويجوز تقديمه على الذي لا نون فيه، لأن نية اللام فيه التقديم، لا يجوز أن تقول: إن زيدا عمرا ليضربن، ويجوز إن زيدا عمرا ليضرب، وقد ذكر هذا في غير موضع، فإن قال قائل إذا أردنا القسم على فعل الحال، فكيف السبيل إليه؟

قيل له: يقع جواب القسم كأن ويكون الفعل المستقبل خبرا له، ويراد به الحال كقولك: والله إن زيدا ينطلق، وإن شئت أدخلت اللام، فقلت: لينطلق والمعنى واحد، وإن شئت قلت: إن زيدا لمنطلق، فيستغنى بدخول اللام على الاسم عن دخولها على الفعل المقسم عليه، والقسم إذا كان الذي يتلقاه فعلا فهو واقع عليه، وإن كان الذي يتلقاه حرفا بعده اسم وخبر، فالذي وقع عليه القسم يؤكد القيام دون زيد، وكل فعل دخلته النون فهو للاستقبال في الأمر والنهي والاستفهام، ولا تدخل على الحال، وحكى أبو إسحاق الزجاج عن أبي العباس المبرد قال: امتنعت النون من دخولها على فعل الحال؛ لأن الحال لا يحلف عليها، ثم رد عليه فقال أبو إسحاق: لو كان امتناعها لأن الحال لا يحلف عليها لكان كل من يحلف عند القاضي لا يجب أن يقبل يمينه لأنه يحلف أنه في حال ليست عليه شيء، ولامتنع قولك: والله لأنت أفضل الناس، وهو في حال فضل؛ وقولك: والله لزيد يصلي بحذائي؛ ولامتنع، وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ (١).

وقد يكتفي بذكر القسم، وما جرى مجراه عن المقسم به، فيقال: أقسم لأفعلن، وأشهد لأفعلن، وتقديره: أقسم بالذي شأني وسبيلي أن أقسم به، ولكثرة الاستعمال، وعلم المخاطب. قال الشاعر:


(١) سورة المنافقون، الآية: ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>