للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيما بعدها في قولك: علمت لزيد منطلق، فعمل " أن " فيما بعدها منع لأن " أن " أضعف عملا من الفعل. فوجب أن تكون " اللام " موضعها قبل " أن " لتمنع " أن " من عمل " علمت " فيها. ونقلها إياها من الكسر إلى الفتح. كما تمنع من عمل " علمت " في الابتداء والخبر إذا قلت قد علمت لزيد منطلق. وإذا تأخرت " اللام " وهي في نيته التقديم لم يبطل عمل " أن " فوجب أن يقال: علمت أن زيدا لمنطلق. وعلمت أن في الدار زيد.

فسبيل إن في كسرها بدخول اللام عليها كسبيل الاسم في رفعه بالابتداء بدخول اللام عليه. لأن كسر " إن " يوجبه الابتداء بها. كما أن رفع الاسم يوجبه الابتداء به والذي أصارهما إلى ذلك: اللام، ولا يجوز، أشهد أنك لذاهب، لأن اللام إذا قدرناها قبل " أن " بمنزلة المبتدأ بها في اللفظ و " أن " لا يبتدأ بها.

ومما يبطل ذلك: أن أشهد أصلها أن تتعدى بالتاء فلو جاز أن تقول: أشهد أنك قائم لجاز: أشهد بأنك لقائم فيكون تقديره: أشهد بكذا. لأن اللام مقدرة قبل " أن " والباء داخله عليها. و " أن " وما بعدها من المبتدأ والخبر بمنزلة: كذا فكأنه قال: أشهد بكذا وهذا باطل. لأن الباء لا يبطل عملها الخفي. واللام تمنع من عمل ما قبلها فيما بعدها.

فتصير الباء عاملة ممنوعة العمل وهذا تناقض.

ولهذا قال الخليل: " أشهد بأنك ذاهب " غير جائز لأن الحروف لا تعلق. معناه: لا تبطل عملها. وإذا لم يبطل عملها وقدرناها وكسرنا " أن " فقد أبطلنا عملها. وهذا غير جائز.

والفرق بين الباء وبين هذه الأفعال التي بطل عملها وتعلق عما بعدها. أن " الباء " ليس لها حال يبطل عملها. وهذه الأفعال. يبطل عملها في: الاستفهام كقولك: علمت زيد في الدار أم عمرو؟ وفي التأخير والتوسط: كقولك: زيد قائم علمت وزيد علمت قائم. ودخول اللام مثل الاستفهام وفيما ذكر سيبويه من شواهد: لك من القرآن مقنع.

والبيت:

ألم تر أنّي وابن أسود ليلة

بكسر " أني " من أجل اللام في " لنسرى " ولو لم تكن اللام لقيل: ألم تر أني وابن أسود ترى بفتح: أني. وقوله عز

وجل: إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>