يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ (١) فإنها بدل من إحدى الطائفتين. كأنه قال:
وإذ يعدكم الله أن إحدى الطائفتين لكم وإن أدخلت الباء قلت: وعدتك بأنك تعان وبأن الغلام لك.
وإنما جاز دخول الباء وخروجها كما جاز تعلقت بزيد وتعلقت زيدا. ومعنى قوله:" قد علمت أنه منطلق " لا تبتدئه وتحمله على الفعل " يريد أنك تحمل أنه منطلق " فتفتحه وتعمل فيه " علمت " ولا تبتدئه فتكسر لأنه ليس في الكلام ما يضطرك إلى ابتدائها وكسرها وهو اللام إذا كانت بعدها.
ونظير ذلك قولهم:" إن خيرا فخير وإن شرا فشر ". نصبت " خيرا " و " شرا " بإضمار فعل تقديره: إن كان خيرا وإن كان شرا. وإنما اضمرت الفعل وحملته عليه إذ لم يجز أن تبتدئ الكلام بعد " إن " كما ابتدأت في الأول حين قلت لم يجز أن يحمل الكلام على الفعل إذا قلت: علمت إنّ زيدا لقائم " وعلمت لزيد قائم ".
وكذلك: علمت أيّهم في الدّار وكذلك حملت ما بعد " أما " على الفعل إذا لم يجز الابتداء بعدها. لأنها في تأويل " إن كنت منطلقا " وهي المخففة التي الفعل الماضي والمستقبل بعدها معها كالمصدر وقد ذكر " إما " في موضعها.
قال أبو سعيد: في " لهنك " ثلاثة أقوال:
أحدها: قول سيبويه: أن أصلها " أن " أبدلوا همزتها هاء كما أبدلوا " الهاء " من هرقت مكان " ألف " أرقت ولحقت اللام التي قبل الهاء لليمين. كما لحقت " ما " حين قلت: " أن زيدا لمّا لينطلقّن " فلحقت " أن " اللام في اليمين كما لحقت بعد " ما " فاللام الأولى في " لهنك " لام اليمين. واللام الثانية " لام إن ". وفي: لمّا لينطلقن " اللام " الأولى " لأن " والثانية لليمين. والدليل على ذلك: النون التي معها. وذكر سيبويه أن هذه الكلمة يقولها بعض العرب. وشبه دخول اللام على " أن " لليمين. وإن كان بعدها " أن " وهي للتوكيد بدخول لام اليمين في آخرها وإن كان قبلها " لمّ " وهي للتوكيد.
وقد يجتمع الحرفان في معنى واحد فيؤكد أحدهما الآخر كقولهم: ما إنّ زيد قائم وهما حرفا جحد.