للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي الصلت:

يوشك من فر من منيته ... في بعض غراته يواقعها (١)

فهذه الحروف التي هي للتقريب شبيهة بعضها ببعض ولها نحو ليس لغيرها من الأفعال.

وسألته عن معنى قوله: " أريد لأن أفعل " فقال: أنما يريد أن يقول: " إرادتي لهذا " كما قال عز وجل: وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (٢) إنما هو: أمرت لهذا.

وسألته عن قول الفرزدق:

أتغضب أن أذنا قتيبة حزتا ... جهارا ولم تغضب لقتل ابن خازم (٣)

فقال: " أن " لأنه قبيح أن يفصل بين " أن " والفعل كما قبح أن يفصل بين " كي " والفعل. فلما قبح ذلك ولم يجز حمل على " أن " لأنه قد تقدم فيها الأسماء قبل الأفعال.

قال أبو سعيد: قوله (٤)

أني رأيت من المكارم حسبكم ... أن تلبسوا حر الثياب وتشبعوا

رأيت: من رؤية القلب. وحسبكم: المفعول الأول، وأن تلبسوا: المفعول الثاني.

وقوله: من المكارم: بمنزلة الظرف لرأيت وليس من المفعولين في شيء. وهو كذلك: " حسبت في الدار زيدا خارجا ". أي وقعت محسبتي في الدار. ويجوز أن يكون على التبيين كأنه قال: رأيت حسبكم. من المكارم ثم قدم: " من المكارم " على معنى: أعني من المكارم. كما قال عز وجل: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ (٥)، كأنه قال: أعني من الأوثان لأن الرجس يكون من الأوثان وغيرها وكذلك " حسبكم " يكون من المكارم وغيرها.

وحذف حرف الجر من " أن " مطرد في جميع الكلام لأن " أن " وما بعدها من الفعل


(١) ديوانه: ٤٢، العيني: ٢/ ١٧٨، الهمع: ١/ ١٢٩.
(٢) سورة الزمر، الآية: ١٢.
(٣) ديوان الفرزدق: ٨٥٥، الخزانة: ٣/ ٦٥٥، الهمع: ٢/ ١٩.
(٤) هو عبد الرحمن بن حسان بن ثابت.
(٥) سورة الحج، الآية: ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>