للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أنك إذا أردت هذا المعنى فتقديم الاسم أحسن لأنك لا تسأل عن اللقاء إنما تسأل عن أحد الاسمين لا تدري

أيهما هو، فبدأت بالاسم لأنك تقصد أن يبين لك أي الاسمين في هذه الحال، وجعلت الاسم الآخر بديلا للأول وصار الذي لا تسأل عنه بينهما.

ولو قلت: " ألقيت زيدا أم عمرا " كان جائزا حسنا.

ولو قلت: أعندك زيد أم عمرو؟ كان كذلك وإنما تقديم الاسم هاهنا أحسن.

ولم يحسن للآخر إلا أن يكون مؤخرا لأنه قصد الاثنين. فبدأ بأحدهما. لأن حاجته أحدهما. فبدأ به مع القصة التي لا يسأل عنها. لأنه إنما يسأل عن أحدهما من أجلها، وإنما يفرغ مما يقصد بقصته ثم يعد له بالثاني.

ومن هذا الباب قوله: ما أبالي أزيدا لقيت أم عمرا؟ وسواء على أزيدا كلمت أم عمرا؟ كما تقول: ما أبالي أيهما لقيت؟

وإنما جاز حرف الاستفهام هنا. لأنك سويت الأمرين كما استويا حين قلت:

أزيد عندك أم عمرو؟ فجرى هذا على حرف الاستفهام كما جرى على حرف النداء قولهم: " اللهم اغفر لنا أيتها العصاية " وإنما لزمت " أم " هاهنا. لأنك تريد معنى " أيهما " ألا ترى أنك تقول: " ما أبالي أيّ ذاك كان ". " وسواء على أيّ ذاك كان ". فالمعنى واحد و " أي " هاهنا تحسن. وتجوز كما جازت في المسألة.

ومثل ذلك: ما أدري أزيد ثم أم عمرو؟ و " ليت شعري أزيد ثم أم عمرو؟

فأوقعت " أم " هاهنا كما أوقعته في الذي قبله؛ لأن هذا يجري على حرف الاستفهام حيث استوى علمك فيهما كما جرى الأول.

ألا ترى أنك تقول: ليت شعري أيهما ثم فيجوز " أي " ويحسن كما جاز في قولهم: أيّهما ثمّ؟

وتقول: أضربت زيدا أم قتلته؟ فالبدء هاهنا بالفعل أحسن. لأنك إنما تسأل عن أحدهما لا تدري أيهما كان. ولم تسأل عن موضع أحدهما فالبدء بالفعل هاهنا أحسن كما كان البدء بالاسم فيما ذكرنا أحسن كأنك قلت: أي ذاك كان بزيد؟

وتقول: ما أدري أقام أم قعد؟ إذا أردت: ما أدري أيّهما كان؟

<<  <  ج: ص:  >  >>