للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقول: ما أدري أقام أو قعد؟ إذا أردت أنه لم يكن بينهما شيء، كأنه قال: لا أدعي أنه كان في تلك الحال قيام ولا قعود أي لم أعدد قيامه قياما يستبين لي قعوده بعد قيامه. وهو كقول القائل: تكلم ولم يتكلم.

قال أبو سعيد: اعلم أن " أم " فيها معنى حرف الاستفهام وحرف العطف وهو يشبه من حروف العطف " أو ".

فأما موقعها في الاستفهام فعلى وجهين:

أحدهما: أنها تعادل ثانية ألف الاستفهام أولا. ويكونان بمعنى " أيهما ". وذلك قولك: أزيد في الدار أم عمرو؟ وأزيدا لقيت أم بشرا؟ ومعناه: أيّهما عندك؟

وأيهما لقيت؟

وإنما يعادل السائل بها الألف ويجعل الكلام بمنزلة " أيّهما " و " أيهم " إذا كان قد عرف وقوع شيء من شيئين أو من أشياء فكلا يعرفه بعينه فيسأل من يقدّر أن علم ذلك عنده ليعرفه إياه معينا.

كان القائل إذا قال: أزيد عندك أم عمرو قد علم أن عند المخاطب أحد هذين ولا يدري من هو منهما فيستدعى إعلام المخاطب إياه عينا فيلتمس علم ذلك منهما، وكذلك كل ما استفهم عنه بالألف.

و" أم " بمعنى " أي " والمستفهم قد عرف وقوع أحد الأمرين منهما وهو يلتمس تعيينه كقولك: أقام زيد أم قعد؟

وقد يعبّر عن هذا السؤال. بأن فيه تسوية ومعادلة.

فأما التسوية: فهي أن الاسمين المسئول عن تعيين أحدهما يستويان في علم السائل ما عنده في أحدهما مثل ما عنده في الآخر.

وأما المعادلة: فهي بين الاسمين جعلت الاسم الثاني بديلا للأول بوقوع " الألف " على الأول و " أم " على الثاني ومذهب السائل فيهما.

فإذا سأل السائل عن هذا، فالجواب أن يسمى واحد من الاثنين أو الجماعة ويعين.

وإنما نسأل السائل عن هذا والمسئول عنه يعرف الذي يسأل عنه.

وقد اتسعت العرب في ذلك. فاستعملوه في غير الاستفهام في مواضع مختلفة.

من ذلك قول القائل: " قد علمت أزيد في الدار أم عمرو. وليس هذا باستفهام

<<  <  ج: ص:  >  >>