للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الذكر والأنثى.

ومن الدليل على ما قاله سيبويه أنا ندخل على حائض الهاء إذا أردنا به الاستقبال، فنقول: هذه حائضة غدا. فلما احتمل حائض دخول الهاء عليها علمنا أنها مذكر.

على أنها قد تؤنث لغير الاستقبال، قال الشاعر:

رأيت ختون العام بالعام قبله ... كحائضة يزنى بها غير طاهر (١)

وكذلك يقال امرأة طالق وطالقة، فلما كانت " هذه " الهاء تدخل على هذا النحو علمنا أنها إذا أسقط الهاء منها صار مذكرا.

وذكر سيبويه أنه سأل الخليل عن (ذراع) فقال: كثر تسميتهم به المذكر، وتمكن في المذكر وصار من أسمائه خاصة عندهم، ومع هذا إنهم يصفون به المذكر، فيقولون:

هذا ثوب ذراع، فقد فتمكن هذا الاسم في المذكر.

هذا قول الخليل: وكان القياس ألا يصرف؛ لأن ذراعا اسم مؤنث على أربعة قياسه ألا يصرف في المعرفة.

وقد كان أبو العباس المبرد يقول: إن الأجود فيه ألا يصرف، وكان الخليل ذهب به مذهب الصفة، ولا علامة فيه.

وقال في " كراع " اسم رجل: من العرب من يصرفه يشبهه ب " ذراع " والأجود ترك الصرف وصرفه أخبث الوجهين.

ومن يصرف فإنما يصرفه؛ لأنه كثر به تسمية الرجال فأشبه المذكر في الأصل لأن الأصل أن يسمى المذكر بالمذكر.

وإن سميت رجلا ب (ثماني) لم تصرفه لأن (ثماني) اسم مؤنث فهو " كثلاث " و " عناق " إذا سميت بهما.

وإذا سميت رجلا (حبارى) لم تصرفه لأنه مؤنث وفيه علم التأنيث " الألف المقصورة ".

فإن حقرته فحذفت الألف وقلت: " حبيّر " لم تصرفه؛ لأن " حبارى " في نفسها مؤنث، فصار بمنزلة (عنيق) ولا علامة فيها للتأنيث.


(١) البيت منسوب للفرزدق في ابن يعيش: ٥/ ١٠٠، واللسان: (ختن).

<<  <  ج: ص:  >  >>