للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال سيبويه: " وزعم الخليل أن " فعولا " و " مفعالا " إنما امتنعتا من الهاء، لأنهما إنما وقعتا في الكلام على التذكير، ولكنه يوصف به المؤنث كما يوصف بعدل ورضا ".

وإنما أراد " بفعول "، و " مفعال " قولنا: امرأة صبور وشكور ومذكار ومئناث.

إذا سميت بشيء من ذلك رجلا صرفته؛ لأنها صفات مذكرة لمؤنث ك (حائض) و (طامث) وقد مضي الكلام في ذلك.

وكذلك إن سميت رجلا ب (قاعد) تريد القاعد التي هي صفة للمرأة الكبيرة القاعد من الزوج، وكذلك إن سميت رجلا ب (ضارب) تريد: صفة الناقة الضارب.

والناقة الضارب هي التي قد ضربها الفحل.

وكذلك إن سميته ب (عاقر) صفة المرأة.

كل ذلك منصرف على ما شرحته لك؛ لأنه مذكر، وإن وقع لمؤنث كما يقع المؤنث للمذكر كقولنا: عين القوم، وهو ربيئتهم الذي يحفظهم فأوقعت عليه " عين " وهو رجل ثم شبه سيبويه تقديره (حائضا) صفة لشيء، ولم يستعملوه، بقولهم: " الأبرق " و " أبطح " و " أجرع " و " أجدل " فيمن ترك الصرف لأنها صفات، وإن لم يستعملوا الموصوفات.

قال: وكذلك " جنوب " " شمال " و " قبول " و " دبور " و " حرور " و " سموم " إذا سميت رجلا بشيء منها صرفته، لأنها صفات في أكثر كلام العرب.

سمعناهم يقولون: هذه ريح حرور، وهذه ريح شمال، وهذه الريح الجنوب، وهذه ريح سموم وهذه ريح جنوب.

سمعنا ذلك من فصحاء العرب لا يعرفون غيره. قال الأعشى:

لها رجل كحفيف الحصاد ... صادف بالليل ريحا دبورا (١)

ومعنى قول سيبويه: سمعنا ذلك من فصحاء العرب أي من جماعة منهم فصحاء لا يعرفون غيره.

قال: ويجعل اسما، وذلك قليل.


(١) البيت بالديوان: ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>