للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشاعر:

حالت وحيل بها وغيّر آيها ... صرف البلى تجري بها الرّيحان

ريح الجنوب مع الشمال وتارة ... دهم الرّبيع وصائب التّهتان (١)

فمن أضاف إليها جعلها اسما ولم يصرف شيئا منها اسم رجل وصارت بمنزلة الصّعود والهبوط والحدود والعروض.

وهذه الأسماء أماكن، وقعت مؤنثة، وليست بصفات، فإذا سميت بشيء منها مذكرا لم تصرف.

ولو سميت رجلا ب (رباب) أو (ثواب) أو (دلال) انصرف.

وإن كثر " رباب " في أسماء النساء، وليست " كسعاد "، وأخواتها؛ لأن " ربابا " اسم معروف مذكر للسحاب سميت المرأة به، وسعاد مؤنث في الأصل.

وقال سيبويه: في " سعاد " وأخواتها: إنها اشتقت، فجعلت مختصا بها المؤنث في التسمية فصارت عندهم، ك (عناق).

وكذلك تسميتك رجلا بمثل (عمان)، لأنها ليست بشيء مذكر معروف، ولكنها مشتقة لم تقع إلا علما لمؤنث.

قال أبو سعيد: قال أبو عمر الجرمي: معنى قوله مشتقة أي مستأنفة لهذه الأشياء لم تكن من قبل أسماء لأشياء أخر، فنقلت إليها، وكأنها اشتقت من السعادة، أو من الزنب أو من الجأن وزيد عليها ما زيد من ألف أو ياء، لتوضع اسما لهذه الأشياء كما أن (عناق) أصله من العنق، وزيدت فيه الألف، فوضع لهذا الجنس.

وما كان من الجموع المكسرة التي تأنيثها بالتكسير إذا سمينا به مذكرا انصرف، نحو: " خروق " و " كلاب " و " جمال ".

والعرب قد صرفت " أنمارا " و " كلابا " اسمين لرجلين؛ لأن هذه الجموع تقع على المذكرين وليست باسم يختص به واحد من المؤنث، فيكون مثله، ألا ترى أنك تقول:

هم رجال فتذكّر، كما ذكرت في الواحد.


(١) البيتان بلا نسبة في شرح أبيات سيبويه لابن السيرافي ٢/ ٢٨٢ - ٢٨٢، واللسان: (حول).

<<  <  ج: ص:  >  >>