للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك كل اسم غالب وصف بابن، ثم أضيف إلى اسم غالب، أو كنية، أو أم وذلك قولك: (هذا زيد بن عمرو)، وكان القياس أن تقول: (هذا زيد بن عمرو) كما تقول:

(هذا زيد الظريف) " وتحريك التنوين لاجتماع الساكنين، وإنما حذفوا التنوين من هذا النحو حيث كثر في كلامهم، لأن التنوين حرف ساكن وقع بعده حرف ساكن. ومن كلامهم أن يحذفوا الأول إذا التقى ساكنان.

قال أبو سعيد: اعلم أن حروف المد واللين إذا كان ما قبلها منها، وهي ساكنة (ثم) لقيها ساكن حذفت وهو القياس " والتنوين وما جرى مجراه من النونات السواكن في أصل البنية كنون " من " و " لدن "، ولكن " قد يحذفن إذا كان بعدهن ساكن وليس ذلك بالقياس فيهن، ولكن العرب قد تحذفهما لاجتماع الساكنين والأجود فيهما التحريك، لأن النون لا تثقل فيها الحركة، ولأنّا إذا حذفنا النون الساكنة والتنوين لم يكن ما قبلهما يدل عليهما كما يدل ما قبل الواو من الضمة، وما قبل الياء من الكسرة وما قبل الألف من الفتحة عليهن، فالاختيار في التنوين التحريك، لاجتماع الساكنين.

وقد يحذف، وحذفه لاجتماع الساكنين أكثر من حذف نون (لكن) و (لدن)، و (من). وإذا كانتا النون الخفيفة في الفعل فلفظها لفظ التنوين في الوقف والوصل لأنك إذا وصلت قلت: " اضربن زيدا " وإذا وقفت قلت اضربا كما تقول: (رأيت زيدا عندك)، وإذا وقفت قلت: (رأيت زيدا) وهي تخالف التنوين إذا لقيها ساكن، لأنها تحذف لاجتماع الساكنين، كقولك: " يا عمرو اضرب بن زيد " وأنت تعني " اضربن " وألزموها الحذف لأنها أضعف من التنوين من قبل أن الفعل أضعف من الاسم، ولأن النون لا تلزم ما تدخل عليه، والتنوين لازم لما يدخل عليه لعلامة الصرف، ألا ترى أنك تقول: (اضرب زيدا) بلا نون ولا تقول: (رأيت زيد) بلا تنوين، فإذا قالوا: (هذا زيد بن عمرو) تركوا القياس الذي ذكرنا لكثرة ذلك في كلامهم فصار المختار ترك التنوين ولزوم التخفيف على منهاج ما جرى عليه كلام العرب.

قال سيبويه: فإذا اضطر الشاعر فيه أجراه على القياس. سمعنا فصحاء العرب أنشدوا هذا البيت:

هي ابنتكم وأختكم زعمتم ... لثعلبة بن نوفل بن جسر (١)


(١) البيت للقارعة بنت معاوية في الأعلم ٢/ ١٤٧، وأمالي الشجري ٢/ ٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>