للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير الألف المضمومة، فمن ذلك قوله عز وجل: وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ (١) وَعَذابٍ * ارْكُضْ (٢)، ومثله أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (٣) وهذا كله عربي قد قرئ به وهي قراءة الحسن. " ومن قال (قل انظروا) كسر جميع هذا ".

قال سيبويه: " واعلم أن العرب قد فتحت الساكن في هذا الباب في حرفين:

أحدهما قوله تبارك وتعالى: الم اللَّهُ لما كان من كلامهم أن يفتحوا لالتقاء الساكنين فتحوا هذا وفرّقوا بينه وبين ما ليس بهجاء، نظير ذلك قولهم: من الله ومن الرسول ومن المؤمنين لمّا كثرت في كلامهم ولم تكن فعلا وكان الفتح أخف عليهم فتحوا وشبهوها بأين وكيف. وزعموا أن ناسا من العرب يقولون: من الله فيكسرون ويجرونه على القياس. وأمّا (الم) فلا يكسر، لم يجعلوه في ألف الوصل بمنزلة غيره، ولكنهم جعلوه كبعض ما يتحرك لالتقاء الساكنين ونحو ذلك: لم يلده واعلمّن ذلك؛ لأن للهجاء حالا قد تبيّنّ.

وقد اختلف العرب في من إذا كان بعدها ألف وصل غير ألف اللام فكسره قوم على القياس وهي أكثر في كلامهم، وهي الجيدة ولم يكسروا في ألف اللام؛ لأنها مع ألف اللام أكثر؛ لأن الألف واللام كثيرة في الكلام تدخل في كل اسم ففتحوا استخفافا فصار من الله بمنزلة الشاذ، وذلك قولك: من ابنك ومن امرئ، وقد فتح قوم فصحاء فقالوا:

من ابنك فأجروها مجرى من المسلمين ".

قال أبو سعيد: اعلم أن الحرف الساكن إذا لقيه ألف الوصل فهو على ضربين:

أحدهما أن يكون الساكن من حروف المدّ واللين، وهي الألف والياء التي قبلها حرف مكسور والواو التي قبلها حرف مضموم؛ والآخر أن يكون الساكن غير هذه الحروف، فإن كان الساكن من حرف المدّ واللين التي ذكرت لك سقط في اللفظ؛ لأن ألف الوصل تسقط ويلتقي ساكنان فيسقط الأول منهما لاجتماع الساكنين إذ كان من حروف المدّ الذي لا يحرّك. فأما الألف فقولك: رمي الرجل وتحفّي الرجل. وأما الياء فقولك: يرمي الرجل ويقضي الحقّ. وأما الواو فقولك: يغزو القوم ويدعو الرجل، وأما غير هذه الحروف فإنه يحرّك لالتقاء الساكنين، فمنه ما يحرّك بالكسر لا غير، ومنه ما يجوز


(١) سورة يوسف، الآية: ٣١.
(٢) سورة ص، الآية: ٤٢، ٤١.
(٣) سورة المزمل، الآية: ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>