للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحريكه بغير الكسر وفي بعض ذلك، فأما ما لا يجوز فيه غير الكسر فأن يكون الساكن غير واو مفتوح ما قبلها وتكون ألف الوصل التي أسقطت غير مضمومة فإن ذلك كله مكسور لا غير كقولك: اضرب الرجل واضرب ابنك واذهب اذهب وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ- ١ اللَّهُ الصَّمَدُ- ٢ وزيد العاقل وزيد اضربه وما أشبه ذلك. وقد شذ من ذلك حرفان ففتحا وذلك قولهم: من الله ومن الرسول ومن المؤمنين والآخر (الم الله). فأما قولهم من الله فبعض العرب يقول: من الله فيكسر. وإنما فتح من الله وخرج عن قياس نظيره؛ لأنه كثر في كلامهم هذا الحرف وكان الألف واللام كثيرا في كلامهم؛ لأنه يدخل على كل منكور والميم مكسورة فكرهوا توالي الكسرتين مع الكثرة فعدلوا إلى أخف الحركات وكسروا ما لم يكثر مما هو على صورته كقولك: إن الله أمكنني فعلت وكقولك: زن الدرهم وعد الرجل وصل ابنك وما أشبه ذلك.

وكان الكسائي يقول: إنّ من فتحت النون فيها؛ لأن الأصل منا ولم يأت في ذلك بحجة مقنعة. وقد قال: إن كم أصلها كما وخلاف بينهم أنه يقال كم الغلمان وكم الثياب فيكسرون، وروي عن الكسائي أنه فتح الميم في كم. وإذا كان ألف الوصل بعد من مع غير لام التعريف فإن الكسر عند سيبويه أكثر في النون، كقولك: من ابنك؛ لأن ألف الوصل في غير لام التعريف لم يكثر، وأما (الم الله) فكان الأخفش يجيز فيها الكسر (الم الله)، وقد منع سيبويه

ذلك، وفي فتح الميم منها وجهان: أحدهما أنه لالتقاء الساكنين الميم واللام الأولى من الله ولم يكسروا؛ لأن قبل الميم ياء وقبل الياء كسرة، فكرهوا الكسر فيها كما كرهوا الكسر في أين وكيف، والميم أثقل؛ لأن قبل الياء منها كسرة.

والوجه الثاني أنه ألقى فتحة الألف من قولنا: ألله على الميم؛ لأن هذه الميم موقوفة حقها أن تبتدأ الألف بعدها مفتوحة؛ فلما وصلت جعلت الهمزة وهي الألف مخفّفة فألقي حركتها على الميم كما يفعل في تخفيف الهمزة، وإذا كانت ألف الوصل المحذوفة مضمومة جاز الكسر والضم. فأما الكسر فعلى قياس ما يوجبه التقاء الساكنين من الكسر. وأما من ضم فإنه يقيم الحرف الساكن مقام ألف الوصل المحذوفة والضم في بعض ذلك أحسن من بعض؛ وذلك قولك: قل انظر؛ لأن الأصل قل أنظر فحذفت ألف الوصل المضمومة وأقمت اللام مقامها في التحريك؛ وكذلك: (أو انقص منه قليلا). وكان أبو العباس المبرد لا يستحسن في عذاب اركض ما يستحسنه في قل انظر، لأن قوله: عذاب اركض يخرج من كسرة إلى ضمة وذلك مستثقل معدوم في أصل " الأبنية " وإذا كسرت " قل انظروا " " وعذاب اركض " و " قالت اخرج عليهن " فهو على أصل القياس ويشبّه سيبويه

<<  <  ج: ص:  >  >>