يعني حرّف الروي لكان يجوز أن يأتي المردف وغيره والمؤسس في قصيدة واحدة، ولكان قول العجاج:
وخندف هامة هذا العالم
غير معيب في القصيدة التي أولها:
يا دار سلمى يا اسلمي ثم أسلمي ... بسمسم أو عن يمين سمسم
لأن القافيتين متفقتان إذا كانتا ميمين. واحتج أيضا بأن حرف الروي لو كان هو القافية لكان لا يؤنث، لأن الحرف مذكر والقافية مؤنثة.
قال أبو سعيد: كأن عنده أن القافية هي الكلمة للقافية لما قبلها، تقفوه تتبعه.
وقال: أما قول الأخفش: لجمعت له كلمات فليس ذلك من أجل.
إن الكلمة هي القافية، ولكن حرف الروي لا يقوم بنفسه، وإنما يكون في كلمة فتجمع الكلمات من أجل ذلك، وكذلك إذا بقيت كلمة فإنما يقال بقيت القافية، لأن حرف الروي في الكلمة، وأما قوله لو كانت القافية الحرف لجاز أن يكون في القصيدة مردف وغير مردف، ومؤسّس وغير مؤسّس فقد تقدم ما يكون جوابا لهذا.
وأما قوله: إن الحرف مذكر والقافية مؤنث، فكل حرف من حروف المعجم الأغلب عليه التأنيث كقولنا: ياء حسنه وكاف مكتوبة وما أشبه ذلك، كما قال الشاعر:
كما بيّت كاف تلوح وميمها
ومما يدل على ما ذكرناه أن ما يلزم إعادته يحتاج أن يكون معلوما أو كالوزن المعلوم عدّة حروفه وترتيب حركاته وسكونه وما يجوز فيه من الزحاف، وكحروف الروي المعلومة وكاللواحق المعلومة من التأسيس والردف والوصل والخروج.
وإذا كانت القافية كلمة فهي غير معلومة لتباين ما بين طولها وقصرها، ويدخل عليه أيضا أن يقال: إذا كانت القافية هي الكلمة الأخيرة، فقول زهير:
من الأمر أو يبدو لهم ما بدا ليا ... ألا ليت شعري هل يرى الناس ما أرى
بدا لي أني لست مدرك ما مضى ... ولا سابقا شيئا إذا كان جائيا
فالكلمة الأخيرة في البيت الأول ليا وليس فيها تأسيس، والكلمة الأخيرة في البيت الثاني جائيا وهي مؤسسة. وأما الذي قال أن القافية هي ما يلزم الشاعر إعادته من حرف أو حركة أو أكثر من ذلك، فقد تقدم فيما ذكرناه من الاحتجاج مما يدل على بطلان قوله، ومن مذهب هذا القائل أن أقلّ ما يلزم الشاعر حرف وحركة، وذلك أنه يقول: إذا