والحرف، تقول: الله ربنا ومحمد صلّى الله عليه نبينا، وليس فيه فعل ولا حرف، ويتلو الاسم الفعل لأن الكلام ينعقد بالاسم والفعل ولا ينعقد بالاسم والحرف، كقولك: يقوم زيد ويذهب عمرو، ولا يستغنى الحرف عنهما ولا يستغنى به الاسم كاستغنائه بالفعل، ولا تقول إن زيدا، ولا زيد فإن قال قائل: فأنت تقول زيد في الدار، والغلام لك، فإن هذا الكلام قد اجتمع فيه اسمان، ومع ذلك فإن الحرف يقدر له فعل كأنه قال: زيد استقر في الدار، والغلام استقر لك. وأما قولهم: يا زيد فإنما يقدر فيه أدعو زيدا، ونابت يا عن أدعو، وهذا مستقصى في النداء ".
قال: " ولا يكون شيء من الفعل على حرف واحد لأن منه ما يضارع الاسم وهو يتصرف ويبنى أبنيه وهو الذي يلي الاسم، فلما قرب هذا القرب لم يجحف به إلا أن تدرك الفعل علة مطردة في كلامهم في موضع واحد وتصيره على حرف واحد، فإذا جاوزت ذلك الموضع رددت ما حذفت، ولم يلزمها أن تكون على حرف واحد إلا في ذلك
الموضع، وذلك قولك: ع كلاما ".
وإنما صار الفعل هكذا لأنه كالاسم الظاهر، لأن أحدهما مشتق من الآخر وله مصدر وفاعل ومفعول وكل ذلك أسماء وهي تتصرف بالأبنية، والأبنية مختلفة، فعل وفعل وفعل وما أشبه ذلك مما يحتاج إلى حروف يتبين فيها اختلاف الأبنية، وفيها الذي في أوله الزوائد الأربع وهو أكثر من حرف، وإنما يجيء في بعض المواضع على حرف واحد ما فاؤه ولامه معتلّان، كقولنا: ع كلاما، وف لزيد، وق أخاك، وما أشبه ذلك، وقد تقدم القول فيه.
قال سيبويه: " ثم الذي يلي ما يكون على حرف ما يكون على حرفين، وقد يكون عليهما الأسماء المظهرة المتمكنة والأفعال المتصرفة وذلك قليل لأنه إخلال عندهم بهن لأنه حذف من أقل الحروف عددا، فمن الأسماء التي وصفت لك يد ودم وفم وحر وسه وست وهي الاست، ودد وهو اللهو ".
قال أبو سعيد: وفيه ثلاث لغات: دد مثل يد، وددا مثل عصا، وددن مثل شجن.
قال الشاعر:
أيّها القلب تعلل بددن ... إنّ همي في سماع وأذن (١)
(١) قائله عدي بن زيد انظر كتاب عدي بن زيد الشاعر المبتكر ٤٦، اللسان " ددن ".