للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللام تدخل على آخر ما يتعلق بالكلام، كقولك: أن ضربت لزيدا وإن كان زيد لقائما، قال الله تعالى: إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا (١)، وأهل الكوفة يقدرون أن في ذلك بمعنى ما، واللام بمعنى إلا، ويقولون في قول الشاعر:

شلت يمينك إن قتلت لمسلما ... وجبت عليك عقوبة المتعمّد (٢)

إن معناه ما قتلت إلا مسلما. وهذا الذي قالوا ينبغي أن يكون تقديرا أو اعتبارا، لا على معنى " أن " معنى اللام معنى إلا، لأن ذلك غير معروف في شيء من الكلام.

قال: " وليت تمن، ولعل وعسى طمع وإشفاق، وأمّا لدن فالموضع الذي هو أول الغاية وهو اسم يكون ظرفا يدلك على أنه اسم.

قولهم: من لدن، وقد يحذف بعض العرب النون حتى تصير على حرفين قال الراجز:

يستوعب البوعين من جريره ... من لد لحييه إلى منحوره

ولد بمنزلة عند. وأما دون فتقصير عن الغاية، هو يكون ظرفا ".

يريد أن كل ما كان مقصورا عن أعلى الشيء فهو دونه إن كان من أسفله أو وسطه أو قرب أعلاه.

قال: " واعلم أن ما يكون ظرفا فبعضه أشدّ تمكنا من بعض، ومنه ما لا يكون إلا ظرفا، وقد بين ذلك في موضعه.

وأما قبالة فمواجهة وهو اسم يكون ظرفا. وأما بلى فتوجب به بعد النفي. وأما نعم فعدة وتصديق وليسا باسمين ".

قال أبو سعيد: أما بلى فلا تأتي إلا بعد جحد فتبطله، سواء كان الجحد معه حرف استفهام أو لم يكن، وسواء كان بمعنى التقرير أو بمعنى الاستفهام متى وردت بلى حققت ذلك الشيء الذي وقع عليه لفظ الجحود كقول القائل: ما جاء زيد، فتقول: بلى أي قد جاء، ويقول القائل: ألم يقم زيد فتقول: أي قد قام. وأما نعم فهو تصديق للكلام على " ما يورده المتكلم من جحد وإيجاب، كقولنا، قام زيد، فإذا قلت: نعم فقد صدقته على أنه قام، وإذا قال لم يقم زيد فقلت نعم صدقته على انه لم يقم، وإذا كان في الكلام استفهام ثم قلت نعم فهو تصديق بإطراح حرف استفهام كقول القائل: هل قام زيد، فإذا


(١) سورة الإسراء الآية: ١٠٨.
(٢) قائلته عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل، انظر الخزانة ٤/ ٣٥٠، الدرر اللوامع ١/ ١١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>