قلت نعم فقد قلت إنه قام، وإذا قلت: ألم يقم زيد فقد قلت نعم، فكأنك قلت: لم يقم، وقوله تعالى: قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى (١)، لو قال إنسان نعم وقيل له ألم تؤمن بالله كان كافرا، لأنه قد صدّق على الجحد بإطراح حرف الاستفهام، ولا يجوز أن يقال للإنسان قام زيد، وهل قام زيد فيقول بلى لأن بلى لا تقع إلا بعد حرف الجحد.
" وأما بجل فبمنزلة حسب وأما إذن فجواب وجزاء ".
قال أبو سعيد: يريد أن فيها معنى الجزاء، وذلك أنك إذا قلت لإنسان أنا أزورك فقال إذن أكرمك، فالإكرام إنما يقع مجازاة للزيارة.
قال سيبويه: " وأما لما فهي للأمر الذي وقع لوقوع غيره، وإنما هي بمنزلة لو فيما ذكرنا، وإنما هو لابتداء، وجواب ".
قال أبو سعيد: قوله: " وإنما هي بمنزلة لو " يريد أنها ضد لو، وذلك أن لو ينتفي بها الشيء لانتفاء غيره كقولك: لو جئتني أعطيتك، دللت على أنه لم يقع مجيء ولا إعطاء، ولما يقع بها الشيء لوقوع غيره، كقولك: لما جاءني أكرمته، وقد وقع المجيء والكرامة، ول " لما " موضع آخر قد مر.
قال: " وكذلك لولا ولو ما هما لابتداء وجواب، فالأول سبب ما وقع وما لم يقع ".
قال أبو سعيد: يريد أنك تقول: لولا زيد لأكرمتك، فزيد سبب أنه لم يكرمه، وتقول: لولا زيد لم أكرمك، فزيد سبب
كرامته، والثاني الذي هو الجواب أن كان منفيا في اللفظ فهو موجب في المعنى وان كان موجبا في اللفظ فهو منفي في المعنى، ولولا ولو ما معناهما واحد في هذا الموضع، ولهما موضع آخر، يقال: لولا ولو ما وهلّا وألّا ومعناهما واحد للتخصيص.
" وأما " أما " ففيها معنى الجزاء كأنه يقول: عبد الله مهما يكن في أمر فمنطلق، ألا ترى أن الفاء لازمة لها ". قال أبو سعيد: يريد أنا إذا قلنا: أما عبد الله فمنطلق.
" وأما ألا فتنبيه، تقول: إلا أنه ذاهب ألا بلى " قال: " وأما كلّا فردع وزجر ".
قال أبو سعيد: كأن قائلا قال هيئا تنكره فقال كلا، أي ليس ذلك كقوله تعالى:
فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ
(١) سورة البقرة الآية: ٢٦٠.