للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومما يشبه هذا قوله:

كفّاك كف ما تليق درهما ... جودا وأخرى تعط بالسّيف الدّما

أراد: تعطي، فحذف الياء واكتفى بالكسرة منها.

وأما قوله:

اضرب عنك الهموم طارقها ... ضربك بالسّوط قونس الفرس (١)

فإن الخليل يقول في هذا: إنّه حذف النون الخفيفة منه؛ أراد " اضربا عنك ". فحذف النون لأنها زائدة، وحذفها لا يخلّ بمعنى، ولا يدخل شيئا في غير بابه، كما ذكرنا في حذف الياء والواو من هاء الضمير. وقال الفرّاء: أراد: اضرب عنك. فكثر السواكن، فحرك للضرورة، فهذا على قول الخليل من باب الحذف، وعلى قول الفرّاء من باب الزيادة.

ومما يشبه الترخيم قول الشاعر:

أو راعيان لبعران لنا شردت ... كي لا يحسّان من بعراننا أثرا (٢)

أراد: " كيف لا يحسّان ". ولا يجوز أن يكون في معنى: " كي "؛ لأن الراعيين لم يفعلا شيئا كيلا يحسّا أثرا من البعران.

ومن ذلك حذف الفاء في جواب الشرط كقولك: " إن تأتني أنا أكرمك " تريد:

فأنا أكرمك.

قال الشاعر:

يا أقرع بن حابس يا أقرع ... إنّك إن يصرع أخوك تصرع (٣)

أراد: فتصرع. وقال آخر:

من يفعل الحسنات الله يشكرها ... والشّرّ عند الله مثلان (٤)

أراد: فالله يشكرها.

وإنما كانت الفاء واجبة هاهنا؛ لأن جواب الشرط متى كان جملة أو فعلا مرفوعا لم


(١) البيت لطرفة في اللسان (قنس)، وابن يعيش ٩/ ٤٤.
(٢) البيت لابن يعيش ٤/ ١١٠، والخزانة ٣/ ١٩٥.
(٣) البيتان لجرير بن عبد الله البجلي في خزانة الأدب ٣/ ٦٤٣، وبلا نسبة لابن يعيش ٨/ ١٥٨.
(٤) البيت لحسان بن ثابت في سيبويه ١/ ٤٣٥، وبلا نسبة في ابن يعيش ٩/ ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>