" فمن ثم جعلنا حبالى الألف فيه مبدلة من الياء كبدلها من ياء مدارى ".
يعني أن حبلى لما جمعت على تمام حروفه وجب أن يقال: حبالى لما ذكرنا أن ما بعد ألف الجمع مكسور ولما ذكره سيبويه أن ما جمع على تمامه مما هو على أربعة أحرف أو خمسة يكون على مثال مفاعل أو مفاعيل، والحرف الذي بعد الألف مكسور، فإذا رأينا حبالى اللام مفتوحة وهي جمع حبلى علمنا أن الأصل فيه حبالى حتى يكون على مثال مفاعل. فإن قيل: فهذه الجموع التي ذكرها سيبويه ما كان على أربعة أحرف أو خمسة أحرف منها ما هو على مفاعل ومفاعيل نحو: مساجد ومفاتيح ومنها على غير مفاعل ومفاعيل لأن فيها فعاعل نحو: سلالم ودرارح وفيها فعاليل نحو: كلاليب وغير ذلك من الأبنية، فلم جعلها كلها على مثال مفاعل ومفاعيل؟
قيل له: إنما جعلها سيبويه على مثال مفاعل ومفاعيل في أن بعد ألف جمعه حرفان، وإن كان ثلاثة أحرف فهو على مثال مفاعيل، ولم يقل سيبويه هذه الجموع على مفاعل ومفاعيل، ولو قال على مفاعل ومفاعيل كان قد وزنهما بهذين المثالين، وكان الظاهر يوهم ما توهمته، ولكنه قال: على مثال مفاعل ومفاعيل، فتبين الفصل بينهما.
" وقد قال بعض العرب بخاتى كما قالوا مهارى، حذفوا كما حذفوا أثافى، ثم أبدلوا كما أبدلوا صحارى. يعني أنهم قالوا: بخاتى والأصل بخاتّي بالتشديد لأنها جمع بختي، فإذا أدخلنا على بختى ألف الجمع ثالثة بعد الخاء كسرنا التاء وبقيت الياء على التشديد ولم يحذف شيئا، لأن في الواحد حرفا من حروف اللين قد وقع رابعا وهي الياء الأولى من الياءين، وصارت الياء الأولى بمنزلة الياء في مفاعيل، وقد بينا أن مثل هذه الياء قد تحذف، مثل قولهم: قراقر وكرابس في قراقير وكرابيس، وقد ذكرنا ذلك في صحار، فلما خففوا هذه الياء وحذفوها صارت بخاتى، وقلبوا الياء ألفا لما ذكرناه، وكذلك مهارى كان أصله مهاريّ لأنه جمع مهرية أو مهري، وهو ما كان من الإبل منسوبا إلى مهرة بن حيدان، وهم قبيلة من اليمن من قضاعة بناحية الشجر، والعمل في مهارى كالعمل في بخاتي. وأما أثافى فالأصل فيه أيضا أثافيّ لأنه جمع أثفيّة، ثم حذفوا الياء الأولى لما ذكرناه فصار أثافه ولا يكادون يقلبونها ألفا فيقولون أثافى كما فعلوا ذلك بمهارى، وإنما شبه سيبويه مهارى باثافى بالتخفيف في القلب، قلب الياء ألفا. فإذا ورد مثل الجمع الذي مضى بضم أوله فإنما صير واحدا يدل على جمع، كقولهم سكارى وكسالى، جعل