سكارى وبابه بمنزلة حبارى وسمانى والألف للتأنيث، وإذا فتحت أوله فقلت سكارى وكسالى فليست الألف للتأنيث، بل هي بدل من الياء، وفي سكارى وببابها قولان:
أحدهما أن هذا الجمع بمنزلة اسم مبنى الواحد، ودل به على جمع كقولهم: بقر وجامل ونفر ورهط، هذه أسماء أحاد وهي دالة على جموع، والوجه الثاني أن سكارى وكسالى ليست بجمع سكران وكسلان على توفية حروفه، ولكنها جمع على حذف الزوائد منه، ألا ترى أنك تقول: قلوص وقلاص، فقلاص ليست بجمع قلوص على توفية حروفه، لأن الواو التي كانت في قلوص لم نأت بها في قلاص، بل حذفنا الواو ثم جمعنا الباقي على قلاص كما يجمع كلب على كلاب، وكعب على كعاب، ولو قلنا قلائص كنا قد وفينا الحروف، لأنا جئنا بألف الجمع فأدخلناها ثالثة فوقعت بعد اللام وجعلنا الواو في قلوص همزة، وكذلك كسالى وسكارى كأنا جمعنا سكر وكسل على سكارى وكسالى، ويقوى ذلك أن نجمع زمنا وضمنا على زمنى وضمنى فنجمعهما على غير زيادة، ونأتي في الجمع بألف تأنيث، فكذلك كسالى زدنا ألفا في الجمع كما نزيدها في كلاب، وألفا للتأنيث كما نزيدها في زمنى وضمنى وهذا أقوى القولين وأشبههما بمذهب سيبويه، لأن سيبويه ذكر أن فعالى لا يكون وصفا إلا أن يكسر عليه الواحد للجمع نحو مجالى وسكارى. فقوله:
" إلا أن يكسر عليه الواحد للجمع "، دليل على أن الألف الأولى وألف التأنيث زيدا للجمع على سبيل التكسير، كما
زيدت ألف كلاب وألف زمنى وضمنى.
قال سيبويه:" وليس في الكلام مفعال ولا فعلال ولا تفعال إلا مصدا " فأما مفعال فلا يعرف في الكلام البتة، وأما فعلال فقد جاء في الرباعي كثيرا نحو قولك: صلصال وخلخال وناقة خزعال وإنما أراد سيبويه فعلال الذي إحدى اللامين فيه زائدة لأنه في باب الثلاثي وهذا كما قاله. وأما تفعال فإن المصادر تجيء بفتح التاء كقولك: ترداد وتكرار وتثقال، وهذه الألف بمنزلة الياء في تكرير وتقتيل وترديد، والياء مفتوحة فيهما، ولم يجئ في المصادر بالكسر إلا حرف واحد وهو تبيان مصدر بيّن. وقال بعض أهل العلم: لم يجئ تبيان على أنه مصدر وإنما هو اسم وافق معناه معنى المصدر فاستعمل في موضعه كما استعمل كثير من الأسماء مواضع المصادر، ألا ترى أنك تقول: أطعمت زيدا طعاما والطعام هو المأكول فجعل طعام في موضع إطعام.
وليس في الكلام تفعال إلا مصدرا، كما ليس أفعال إلا جمعا. وأما الأسماء فيجيء، فيها تفعال نحو: تجفاف وتمثال وتعشار موضع وتمساح هو الكذاب، ومرّ من الليل تهواء، ونظائره كثيرة لهذه الأسماء بكسر التاء.