للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذكرناه يزول الإعراب الذي تنعقد به المعاني، إلا أنه شبّه اللفظ باللّفظ ".

وكان أبو العباس محمد بن يزيد والزجاج ينكران هذا؛ ويأتيان جوازه وينشدان بعض ما أنشدنا، على خلاف الرّواية التي ذكرنا؛ فأما بيت امرئ القيس فأنشداه:

فاليوم أسقى غير مستحقب ... و " فاليوم فاشرب غير مستحقب

وأما بيت أبي نخيلة فأنشداه:

إذا اعوججن قلت صاح قوّم.

وأنشدا موضع:

هنك من المئزر: ... وقد بدا ذاك من المئزر

وموضع: فما تعرفكم العرب: فلم تعرفكم

وأما بيت لبيد فإن الجزم فيه صحيح؛ لأن المعنى: تراك أمكنة إذا لم أرضها وإذا لم يأتني موتي ". وأراد بالموت هاهنا أسباب الموت التي لا يمكن معها براح المكان ومفارقته من العلل الحابسة له والضرورات الدافعة إلى المقام، وقد تسمّى أسباب الموت موتا؛ قال الله تعالى: وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (١).

وقد يجوز أن يكون الجزم أيضا على المجاورة للمجزوم، كما قالوا: " هذا جحر ضبّ خرب " و " يرتبط " لو حرّك كان منصوبا على التأوّل الذي تأوّله من يرى تسكينه للضرورة، ويجعل " أو " في معنى " حتى " وإلى أن؛ كأنه قال: حتى يرتبط بعض النفوس حمامها، أو " إلى أن يرتبط ". وهو يعني نفسه.

قال أبو سعيد: والقول عندي ما قاله سيبويه في جواز تسكين حركة الإعراب للضرورة؛ وذلك أنّا رأينا القراء قد قرءوا: ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ (٢) وخطه وكتابه في المصحف بنون واحدة، ووافقهم النحويون على جواز الإدغام فيه وفي غيره،


(١) سورة آل عمران، آية: ١٤٣.
(٢) سورة يوسف، آية: ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>