للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مما تذهب فيه حركة الإعراب للإدغام. فلما كانت حركة الإعراب يجوز ذهابها للإدغام، طلبا للتخفيف، صار أيضا ذهاب الضّمّة والكسرة طلبا للتخفيف، وليس لقول من يأبى ذلك، ويحتج في فساده بأنه تذهب منه حركة

الإعراب- معنى؛ لأن الإدغام أيضا يذهب حركة الإعراب.

وقد حكى قوم من النحويين أن كثير من العرب يسكنون لام الفعل، إذا اتصلت بها الهاء والميم، أو الكاف والميم، كقولهم: " أنا أكرمكم " و " أعظّمكم ".

وقد حكي عن بعض القراء:

إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ (١) وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ (٢). وهذا يدل على جواز ما قلناه ويقويه.

ومن ذلك أيضا أنهم يدخلون جزما على جزم، إذا لم يلتق فيه ساكنان، وذلك أنهم يجزمون: " يشتري " و " يتّقي "، فيسقطون الياء.

وربما اضطر الشاعر، فحذف الكسرة التي تبقى بعد حذف الياء.

فيقول: " لم يشتر زيد شيئا " و " لم يتّق زيد ربّه ".

وذلك أنه قد رأى المجزوم مسكّنا للجزم، والجازم يوجب ذلك، فلما كان " يشتري " و " يتّقي " لا سبيل فيه إلى التسكين إلا بحذف الياء، ثم تسكين ما قبلها، جعل الحذف والتسكين جميعا علامة الجزم؛ لأن التسكين لا يحصل إلا بهما، وقد يجوز أن يكون هذا على لغة من يحذف الياء في الرفع، ويكتفي بكسرة ما قبلها، كقوله تعالى: ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ (٣)، فلما جزم حرفا متحرّكا سكّنه. قال الراجز أنشده أبو زيد في نوادره:

قالت سليمى اشتر لنا دقيقا ... وهات خبز البّرّ أو سويقا (٤)

آخر:

ومن يتّق فإنّ الله معه ... ورزق الله موتاب وغادي (٥)


(١) سورة البقرة، آية: ٦٧.
(٢) سورة البقرة، آية: ١٥١.
(٣) سورة الكهف، آية: ٦٤.
(٤) لم نستدل عليه في المصادر التي بين أيدينا.
(٥) البيت بلا نسبة في اللسان (وقى).

<<  <  ج: ص:  >  >>