للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا يكون ما قبلها إلا مفتوحا.

ومن ذلك قول الفرزدق:

راحت بمسلمة البغال عشيّة ... فارعى فزارة لا هناك المرتع (١)

وأراد: " لا هنأك المرتع " فقلب الهمزة ألفا، حين احتاج إلى تسكينها، كما تقلب الألف همزة إذا احتاج إلى تحريكها.

ومثله:

ولا يرهب ابن العمّ ما عشت صولتي ... ولا أختتي من صولة المتهدّد

وإنّي وإن أوعدته أو وعدته ... لمخلف إيعادي ومنجز موعدي (٢)

أراد: " ولا أختتئ " فقلب من الهمزة ياء حين احتاج إلى تسكينها.

وإنما جعلنا هذا في ضرورة الشعر؛ لأن الهمزة المتحرّكة إذا كان قبلها فتحة، أو كانت مضمومة وقبلها كسرة، كان تليينها أن تجعل بين بين، ولا تبطل حركتها، وقد تبطل حركتها في مواضع غير هذه، وستقف عليها إن شاء الله تعالى. وأما قول حسان:

سالت هذيل رسول الله فاحشة ... ضلّت هذيل بما قالت ولم تصب (٣)

وقول الآخر:

سالتاني الطّلاق أن رأتاني ... قلّ ما لي قد جئتما بنكر

ويكأن من يكن له نشب يح ... بب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ (٤)

فإن هذا ليس من تخفيف الهمز، وذلك أن من العرب من يقول: " سلته أساله "، " وهما يتساولان " فلا يهمز، وإنما أتى به الشاعر غير مهموز على هذه اللغة.

قال أبو العباس محمد بن يزيد: ومن أقبح الضرورات التي ينبغي أن لا يجوز مثلها ولا تصح، أبيات تروي عن بعض المتقدمين:

إذا ما المرء صمّ فلم يناج ... ولم يك سمعه إلا ندايا

ولا عب بالعشيّ بني بنيه ... كفعل الهرّ يلتمس العطايا


(١) البيت في ديوانه ٥٠٨.
(٢) البيتان لعامر بن الطفيل ١٥٥، واللسان (ختأ).
(٣) البيت في ديوانه ٦٧، وابن يعيش ٤/ ١٢٢.
(٤) البيتان منسوبان لزيد بن عمرو بن نفيل القرشي في سيبويه ١/ ٢٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>