للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال أيضا في هذه الأرجوزة:

والحشو من حفّانها كالحنظل (١)

والحفّان صغار النعام، فجعلها هاهنا لصغار الإبل.

وقال آخر، وهو أوس بن حجر:

وذات هدم عار نواشرها ... تصمت بالماء تولبا جدعا (٢)

أراد بالتولب: طفلا من الناس، والتّولب: ولد الحمار، وقد كان المفضّل روى " جذعا " وأنكره الأصمعي وقال: جدع أي سّيّئ الغذاء. قال: فناظره المفضل وصاح، فقال الأصمعي: تكلم بكلام النمل وأصب.

وقال آخر:

لها حجل قد قرّعت عن رؤوسه ... لها فوقه ممّا تحلّب واشل (٣)

والحجل: إناث القبج، فوضعها لصغار الإبل.

ويقوي أن هذا خارج من باب الضرورات ما يروى عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:

" لا تحقرنّ من المعروف شيئا ولو فرسن شاة " والفرسن للبعير، لا للشاة.

ومن أقبح الضرورات جعل الألف واللام بمعنى الذي مع الفعل، كقول طارق بن ديسق:

يقول الخنا وأبغض العجم ناطقا ... إلى ربّنا صوت الحمار اليجدّع (٤)

أراد: الذي يجدّع، ولو قال: المجدّع للزمه أن يخفض فيقوي؛ لأنّ القصيدة مرفوعة ففرّ من الإقواء إلى ما هو أقبح.

وفيه عندي وجه آخر، وهو أنه لم يرد الألف واللام التي بمعنى الذي، ولا الألف واللام التي للتعريف، ولكنه أراد، الذي نفسها، فحذف الذّال والياء وإحدى اللامين، لأنه قد رأى الذي يلحقها حذف كقولهم: اللّذ والّلذ، كما قال:


(١) البيت بلا نسبة في اللسان (حفن).
(٢) البيت في ديوانه ٥٥.
(٣) البيت للبيد بن ربيعة في ديوانه ٢٦٠.
(٤) البيت لدينار بن هلال في الخزانة ١/ ١٤، واللسان (جدع)، وبلا نسبة لابن يعيش ٣/ ١٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>