وأما قول سيبويه:" فهو يجوز في كل شيء من أسماء الزّمان "، فإنه أراد لأكثر؛ لأن في الزمان ما لا يستعمل إلا ظرفا، كسحر يومك، إذا لم يكن فيه ألف ولام كقولك:
" سير عليه سحر " إذا أردته من يومك، وكذلك: صحوة، وعشيّة، وعتمة، إذا أردتهنّ من يومك. وهذا يستقصى في بابه إن شاء الله تعالى. ولفظ سيبويه عام ومراده الأكثر. وقد ذكرنا جواز هذا المعنى فيما مضى.
وقوله:" كما كان في كل شيء من أسماء الحدث "، يعني أنه يجوز أن يجعل الظرف من الزمان مفعولا على السّعة، كما جاز أن تجعل المصادر مفعولة على السعة، والمفعول على السعة يراد به أن يجعل بمنزلة المفعول به كزيد وعمرو.
والمصادر تجيء على ضربين: منها ما يراد به تأكيد الفعل فقط، ومنها ما يراد به إبانة فائدة فيه، فما أردت به تأكيد الفعل فقط، لم تجعله مفعولا على سعة الكلام، وما كان فيه فائدة جاز أن تجعله مفعولا على السّعة، إلا أن يكون
متمكنا، فإذا لم يكن متمكنا لم يقم مقام الفاعل، ولم يكن إلا منصوبا، كقولهم:" سبحان " و " شتان " ألا ترى أنك تقول: " سبّح في هذه الّدار تسبيح لله كثير " و " تسبيح الله كثيرا "، ولا يجوز أن تقول:
" سبّح في هذه الدار سبحان الله "، وإن كان معناه معنى التّسبيح. وسوف نذكر المصادر المتمكنة، وغير المتمكنة، في بابها إن شاء الله تعالى.
وأما قول سيبويه:" كما كان في كلّ شيء من أسماء الحدث "، فهو على ما عرّفتك من إرادة الأكثر باللّفظ العامّ، ويجوز أن يكون قوله:" فهو يجوز في كل شيء من أسماء الزمان "، يعني تعدّي الفعل إليه على سبيل الظرف، لا على سبيل المفعول، كما كان في كل شيء من أسماء الحدث على طريق المصدر، لا على طريق المفعول.
قال سيبويه:" ويتعدى إلى ما اشتق من لفظه اسما للمكان، وإلى المكان، لأنه إذا قال: ذهب، أو قعد، فقد علم أنّ للحدث مكانا، وإن لم تذكره، كما علم أنه قد كان ذهاب ".
اعلم أن سيبويه لما رتب المفعولات، قّدّم المفعول الذي تدلّ عليه صيغة اللفظ وهو الحدث والزّمان، ثم جعل المفعول الذي يدلّ عليه المعنى محمولا على ذلك، وهو المكان، وسائر المفعولات، لأنه قد علم هذا في المعنى، كما علم ذلك في اللفظ، فاشتركا