للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعمل لا يختلف.

والقول الثالث: وهو شيء يحكى عن أبي عثمان المازني أنه قال: الشرط والجواب غير مجزوم وإنما هو مسكّن على حكم الأفعال في أصلها من التسكين، وحكي عنه أنه اعتل أن الفعل إذا وقع في موقع لا يقع فيه الاسم، ردّ إلى

حكمه الأصلي، وهذا قول فاسد، وما أظن أن " أبا عثمان " في علمه وثقوب معرفته، وجلالة محله، كان يذهب عليه هذا المعنى الواضح، ويختار هذا القول الفاسد البين الفساد، وذلك أنه لو ردت الأفعال إلى أصلها يحلو لها في غير محل الأسماء، لم يجز أن ينصب بلن وأن وسائر نواصب الأفعال؛ لأنهن صيغ، لا تقع بعدهن الأسماء، ولكان يلزم أيضا أن يكون إعراب الأفعال وجها واحدا إذا حلت محل الأسماء، فكان ينتج من هذا ألا تكون الأفعال معربة؛ لأن الإعراب هو اعتقاب الحركات أو: حركات وسكون على أواخر الكلام، وما لزم طريقة واحدة فليس بمعرب.

فإن سأل سائل فقال: ما قولكم في فعل الأمر، أمعرب هو أم غير معرب؟ قيل له هو عندنا مبني على السكون على أصل ما يستحقه. فإن قال: وما الذي أبطل أن يكون مجزوما؟ قيل له: امتنع أن يكون مجزوما من قبل إن الصورة الموضوعة للأمر من الفعل إذا لم يكن في أولها الزوائد الأربع لا تكون إلا على طريقة واحدة وشريطة المعرب أن يعتقب على آخره أكثر من حركة، والمبني لا يتغير عما يصاغ عليه من حركة أو سكون، فقضينا بذلك أن فعل الأمر الذي ليس في أوله الزوائد الأربع مبني على السكون، ونكشف هذا بمثال فنقول: إذا قلت: " زيد يذهب أو أنا أذهب " أو " أنت تذهب " أو " نحن نذهب " فالباء من يذهب تكون مرة مضمومة، ومرة مفتوحة، ومرة موقوفة، ما صحب " يذهب " أحد هذه الحروف الزوائد تقول: " أنا أذهب، ولن أذهب، " ولم أذهب " فإذا أمرت منه قلت: " اذهب "، فغيرت الصورة، ونزعت حرف المضارعة، ولزم السكون، فلما لزم السكون عند ما بني هذه البنية، علمنا أن هذه البنية هي التي أوجبت أن تكون مبنية على حال واحدة.

فإن قال قائل: فهلا جعلتموه مجزوما بلام محذوفة هي لام الأمر كأنكم قلتم " لتذهب " فحذفتم اللام؟ قيل له: هذا لا يجوز؛ من قبل أنا رأينا عوامل الأفعال ضعيفة، لا يجوز حذفها نحو: لن، لم، وأشباه ذلك، فلم يجز أن نضمر اللام ونعملها؛ لضعف ذلك،

<<  <  ج: ص:  >  >>