للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال سيبويه: (ولكنه قد يجوز في الشعر، وهو ضعيف في الكلام. قال أبو النجم العجلي.

قد أصبحت أمّ الخيار تدّعي ... عليّ ذنبا كلّه لم أصنع) (١)

فهذا ضعيف، وهو بمنزلته في غير الشعر؛ لأن النصب لا يكسر الشعر ولا يخل به.

قال: (فترك إضمار الهاء، فكأنه قال: كله غير مصنوع).

قال أبو سعيد: يعني أن إضمار الهاء إذا قلت: " زيد ضربت " هو قبيح ومع قبحه هو جائز في الكلام. قال: والدليل على جوازه في الكلام، أن الشاعر لو قال: " كله لم أصنع " لاستقام البيت ولم ينكسر، فلم تدعه الضرورة من جهة الشعر إلى رفعه فعلم بذلك جوازه في غير الشعر.

وكان الفراء يجيز " كلهم ضربت "، ولا يجيز " زيد ضربت ".

قال: لأن معنى " كلهم ضربت " معنى الجحد، كأنه قال: " ما منهم أحد إلا ضربت ". وليس هذا بحجة؛ لأن كل موجب

يتهيأ رده إلى الجحد، فيمكن للقائل أن يقول: " زيد ضربت "، معناه: " ما زيد إلا قد ضربت، وما زيد إلا مضروب ".

وقد أنشد سيبويه مع القياس الذي ذكرناه أبياتا منها:

(قول امرئ القيس:

فأقبلت زحفا على الرّكبتين ... فثوب لبست وثوب أجرّ) (٢)

لم يقل أجره ولم ينصب الثوب.

(وقال النمر بن تولب: وسمعناه من العرب ينشدونه:

فيوم علينا ويوم لنا ... ويوم نساء ويوم نسرّ) (٣)

أراد: يوم نساء فيه، أو نساؤه، فأضمر الهاء، ولم ينصب يوم فهو بمنزلة قولك:


(١) البيت لأبي النجم العجلي الخزانة ١/ ١٧٣ - الخصائص ١/ ٢٩٢، ٣/ ٦١، المغني ١/ ٢٠١، ٢/ ٤٩٨ - الدرر اللوامع ١/ ٧٣.
(٢) الديوان ١٥٩ ق ٢٩/ ١٧ - الخزانة ١/ ١٨ - الأعلم ١/ ٤٤.
(٣) الأعلم ١/ ٤٤ - الصمع ١/ ١٠١ - ٢/ ٢٧ - الدرر اللوامع ١/ ٧، ٢/ ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>