للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" يوم الجمعة أقوم " على معنى أقوم فيه، وضعف هذا كله مع جوازه؛ لأن الشاعر لو نصب في ذلك كله لم ينكسر الشعر، ولم يختل.

قال سيبويه: (زعموا أن بعض العرب يقول: " شهر ثرى " و " شهر ترى " و " شهر مرعى " يريدون: ترى فيه).

فرفع " الشهر " ولم يعمل فيه " ترى " للضمير الذي قدره، ومعنى هذا: شهر ثري:

أي شهر تبتدئ فيه الأرض من المطر وتثرى. والثرى: هو الندى، وشهر ترى: أي ترى فيه النبات، وشهر مرعى: أي ترعى فيه المال وتأكله.

قال الشاعر:

ثلاث كلهنّ قتلت عمدا ... فأخزى الله رابعة تعود (١)

على معنى قتلتهن.

قال: (فهذا ضعيف، والوجه الأكثر الأعرف: النصب، وإنما شبهوه بقولهم:

" الذي رأيت فلان "، حيث لم يذكروا الهاء. وهو في هذا أحسن؛ لأن " رأيت " تمام الاسم، وبه يتم، وليس بخبر ولا صفة، فكرهوا طوله، حيث كان بمنزلة اسم واحد، مكا كرهوا طول " اشهيباب " فقالوا: اشهباب).

قال أبو سعيد: اعلم أن حذف الهاء يكون في ثلاثة مواضع: في الصلة، والصفة، والخبر.

فالصلة قولك: " الذي رأيت زيد "، في معنى: الذي رأيته. والصفة قولك: " مررت برجل أكرمت " أي أكرمته.

والخبر قولك: " زيد أكرمت " في معنى: أكرمته.

فأما حذفها في الصلة فحسن، وليس بدون إثباتها، وفي كتاب الله تعالى حذفها وإثباتها، قال الله تعالى: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا (٢)، وقال جل اسمه: لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ (٣) أراد تعالى: الذي بنوه.


(١) البيت من الخمسين التي لم يعرف قائلها: الخزانة ١/ ١٧٧ - الأعلم ١/ ٤٤ أمالي ابن الشجري ١/ ٣٢٦.
(٢) سورة الأعراف، آية: ١٧٥.
(٣) سورة التوبة، آية: ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>