للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفاعل قد يتقدم عليه المفعول، والمصدر لا يتقدم عليه مفعوله، تقول: " هذا زيدا ضارب " على تقدير: " هذا ضارب زيدا "، ولا يجوز: " هذا زيدا ضربك " على تقدير: " هذا ضربك زيدا "؛ لأن المصدر مقدر " بأن " والفعل بعدها، وما بعد " أن " لا يعمل فيما قبلها، لا يجوز أن تقول: " زيدا أن أضرب خير له "، على تقدير: " أن أضرب زيدا خير له "، والمصدر يعمل في المفعول، ماضيا كان أو مستقبلا، واسم الفاعل لا يعمل إلا في المستقبل والحال، والفرق

بينهما: أن المصدر وإن كان في معنى الماضي فلا بد أن يقدر فيه " أن " والفعل، فليس بمنزلة الفعل المحض فصار محله كمحل الألف واللام إذا كانتا بمعنى الذي، وهي تعمل في الماضي والمستقبل، تقول: " أعجبني الضارب زيدا " في معنى:

الذي يضرب زيدا، ويعجبني: " الضارب زيدا " بمعنى: " الذي يضرب زيدا "، فيعمل في الماضي والمستقبل إذا كان تقديره: تقدير الذي ضرب، والذي يضرب. وكذلك المصدر، تقديره: أن ضرب، وأن يضرب، فقد خالف المصدر اسم الفاعل من ثلاثة أوجه:

أولهما: الإضافة إلى الفاعل.

الثاني: أن مفعوله لا يتقدم عليه.

الثالث: أنه يعمل في الماضي والمستقبل، واسم الفاعل لا يجوز فيه شيء من ذلك.

واعلم أنك إذا أضفت المصدر جررت الذي تضيفه إليه بالإضافة، وأجريت ما بعد المضاف إليه على حكم إعرابه، إن كان فاعلا رفعته، إن كان مفعولا به نصبته، كقولك:

" أعجبني قطع اللصّ الأمير "، و " أعجبني دقّ الثوب القصّار " وإن شئت: " أعجبني دق القصار الثوب " و " قطع الأمير اللص "، وإن نونت وأدخلت الألف واللام أجريت كل واحد منهما على حكمه، فقلت: " أعجبني ضرب زيد عمرا "، و " أعجبني القطع اللص الأمير "؛ لأنك أبطلت الإضافة بدخول الألف واللام والتنوين.

وأما قوله: (فندلا زريق المال ندل الثعالب) فظاهر كلام سيبويه أنه ينصب " المال " ب " ندلا "، وأنا أبين حقيقة ذلك:

اعلم أنك إذا قلت: " ضربا زيدا "، فتقديره: " اضرب ضربا زيدا " فضرب منصوب بالفعل المضمر، فينبغي أن يكون " زيد " منصوبا بذلك الفعل أيضا، وقد جرت عادة النحويين في هذا بأن يقولوا: إن " زيدا " منصوب بالضرب، وحقيقته ما ذكرته لك. غير أنهم توسعوا لما ناب المصدر عن الفعل الذي هو عامل أن يقولوا: إنه عامل، ولو أضمرنا

<<  <  ج: ص:  >  >>