للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شبهوها بأسماء الزمان إذا أضيفت إلى غير متمكن، فيجوز بناؤها وإعرابها، كقوله عز وجل: وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ (١) ويومئذ كما قال النابغة:

على حين عاتبت المشيب على الصّبا ... وقلت ألمّا تصح والشيب وازع (٢)

ويروى: على حين، فمن قال: على حين، جره بعلى، ومن قال: على حين بناه؛ لأنه أضافه إلى غير متمكن.

وفي كسرة " حيث " وجه آخر يجوز عندي، أن يكون الذين كسروها فعلوا ذلك لالتقاء الساكنين، لا للعامل على ما يجب في التقاء الساكنين من الكسر، فاعرف ذلك إن شاء الله.

ومن العرب من يضيف حيث فيجرّ ما بعدها، أنشد ابن الإعرابي بيتا آخره:

حيث ليّ العمائم (٣)

فهذا بناه وأضافه كما قال: مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (٤).

فإن قال قائل: إنما ضم " حيث " لأنها يشتمل معناها على شيئين، كما ضم " نحن " حين دلت على التثنية والجمع، وكما ضمت الضاد من " ضرب " حين اشتملت على الفاعل والمفعول.

فالجواب في ذلك أن ما ذكره كله خطأ لا يثبت في حجاج، ولا يستمر على نظر؛ لأنه لو كان على ما زعم لوجب أن تضم " إذ " لاحتياجها إلى شيئين بعدها واشتمالها عليهما كقولك: قام زيد إذ قام عمرو، ووجب أن لا يضم: قبل، وبعد إذ بنيا. لاشتمالهما على شيء واحد. يدل على فساد هذا القول أيضا أنا متى أضفنا شيئا من أسماء الزمان إلى فعل وفاعل فبنيناه لم يجز ضمه، وإن كان قد اشتمل على شيئين، ولو تقصينا الوجوه التي تفسد هذا القول لطال الكتاب، بينما الغرض غيره.

وأما " أين " فإنه اسم من أسماء المكان، وهو يستوعب الأمكنة كلها، متضمنة لمعنى الاستفهام، والحكمة في ذلك أن سائلا لو سأل عن مكان فقال: " أفي الدار زيد؟ أو في


(١) سورة هود، آية ٦٦.
(٢) قائله: النابغة الذبياني، ديوانه: ١٨، الخزانة ٣/ ١٥١.
(٣) الخزانة ٣/ ١٥٤.
(٤) سورة النمل، آية ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>